تواصلت منذ بداية السنة مظاهر العنف المسلط على النساء وبالخصوص في شكله الأشنع المتمثل في جريمة تقتيل النساء، حيث بلغ عدد جرائم تقتيل النساء منذ بداية 2024 ثماني حالات (حسب ما رصدته جمعية أصوات نساء وجمعية المرأة والمواطنة بالكاف إلى حدود 17 جوان 2024) آخرها الجريمة التي جدّت يوم 17 جوان 2024 والتي قتلت فيها “انتظار” الأم لطفلين ذبحا على يد زوجها. كما جدّت جريمتان في نفس اليوم (29 جوان 2024) تمثلت الأولى في حرق رجل لزوجته بسكب البنزين عليها مما تسبب لها بحروق بنسبة 80%بمنطقة سيدي عيش-قفصة وتمثلت الثانية في دهس امرأة ووالدتها بواسطة سيارة يقودها طليقها في منطقة وادي الليل. وتؤشّر هذه الجرائم على تواصل ارتفاع جرائم تقتيل النساء والتي سجلت مستويات مفزعة في السنة المنقضية حيث بلغ عددها 25 حالة في سنة 2023.
من جهة أخرى، تكررت حوادث المرور الناتجة عن نقل العاملات الفلاحيات في ظروف غير لائقة حيث تسبب انقلاب شاحنة يوم 26 جوان 2024 فيمعتمدية السبيخة من ولاية القيروان في وفاة طفلة تبلغ من العمر 16 عامًا وإصابة 14 عاملة فلاحية بجروح متفاوتة الخطورة.
إن هذه الحوادث المتكررة تكشف أحد أشكال التمييز والعنف الاقتصادي والاجتماعي المسلط على النساء العاملات في القطاع الفلاحي حيث تتنقل وتعمل في ظروف قاسية وبأجر غير لائق وفي غياب التغطية الاجتماعية والصحية. كما تسلّط الضوء على ظاهرة تشغيل الأطفال في هذا القطاع، إذ يشتغل 50%من الأطفال الناشطين في القطاع الفلاحي حسب المسح الوطني الذي قام به المعهد الوطني للإحصاء ووزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية سنة 2017.
إن هذه الحوادث تعكس عدم جدّية السلطات في التعاطي مع ظاهرة العنف المسلط على النساء بجميع أبعاده الاقتصادية والاجتماعية وخاصة جرائم تقتيل النساء. كما أنها ليست بمعزل عن المناخ الاستبدادي الذي تعيشه البلاد والذي تكون فيه الفئات الأكثر هشاشة كالأقليات والنساء أكثر عرضة للانتهاكات بجميع أنواعها.
إن منظمة البوصلة وإذ تعبّر عن تضامنها المطلق مع النساء المُسلّط عليهنّ شتّى أشكال العنف والتمييز، فإنها :
- تستنكر صمت السلطة الذي بلغ درجة التواطؤ أمام تفاقم ظاهرة تقتيل النساء رغم كل النداءات التي أطلقتها الجمعيات النسوية ومنظمات المجتمع المدني.
- تُحمّل السلطات مسؤوليتها في توفير الحماية والإحاطة بالنساء المُعنفات وتدعوها إلى تطبيق القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بمناهضة جميع أشكال العنف ضد النساء.
- تعتبر أن الحوادث الناجمة عن نقل النساء العاملات في القطاع الفلاحي تندرج في خانة التمييز والعنف المبني على النوع الاجتماعي وتستنكر صمت السلطات إزاء هذه المأساة رغم الاحتجاجات والنداءات المُتواصلة للنساء العاملات في القطاع الفلاحي (على سبيل المثال: الوقفة الاحتجاجية ونداءات النساء العاملات في القطاع الفلاحي بتاريخ 3 أكتوبر 2022).
- تُذكّر أنّ مظاهر التمييز والعنف ضد النساء من طرف السلطة تشمل أيضا استهداف المشاركة السياسية للنساء عبر إلغاء مكسب التناصف وسجن وملاحقة الناشطات في الحقل السياسي والمدني وتجدّد تضامنها مع كل النساء التي تتعرض لهذه الانتهاكات.