يُحيي العالم سنويّا، يوم 10 ديسمبر، الذكرى التي اعتمدت فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في سنة 1948. ويتزامن الاحتفال بالذكرى 75 لصدور الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، هذه السنة، مع الإبادات الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، والتي تُعتبر من وجهة نظر القانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقد كشفَت هذه الغطرسة العسكرية انحياز قوى الهيمنة العالمية إلى مشاريع الإبادة والاستعمار، وضَربِها عرض الحائط كل المطالبات الحقوقية والإنسانية بإيقاف حرب الإبادة والالتزام بالقوانين الدولية. وهو ما يدعو أكثر من أي وقت مضى إلى مواجهة حالة العطالة التي تمارسها قوى الهيمنة العالمية ضد منظومة حقوق الإنسان ومُلحقَاتها المؤسساتية والتشريعية. وباتت هذه الهيمنة في الحقيقة تشمل كل مناحي الحياة الإنسانية، من خلال تعميم نموذج السيطرة النيوليبرالية الاقتصادية على الشعوب، وفي مقدمتها شعوب الجنوب. وهو ما خلق وضعًا عالميا تطغى عليه مظاهر الفقر والمرض ومختلف أشكال الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية.
أما على الصعيد الوطني، تشهد بلادنا انزلاقا خطيرا نحو التضييق على الحقوق والحريات، من خلال عودة سياسات القمع واستخدام أجهزة الدولة في تصفية المعارضات السياسية، والإجهاز على كل مظاهر التداول العام عبر فرض تصور أحادي سلطوي يُجسده الرئيس قيس سعيد. وفي الأثناء يستمر الوضع الاقتصادي في التدهور، الذي تعاني آثاره شرائح اجتماعية واسعة. كما تشهد الخدمات العامة (الصحة، النقل، التعليم…) حالة من الانحطاط في ظل استمرارا تملص الدولة من التزاماتها الاجتماعية، واستمرار السلطة الحالية في الحفاظ على المنوال الاقتصادي والتنموي القديم.
في ظل هذه السياقات الدولية والمحلية، التي تُسيّجها لغة الهيمنة وسياسات السيطرة، تُجدد منظمة بوصلة التزامها بحق الشعوب في النفاذ إلى حقوق الإنسان، التي أصبحت عرضة للتلاعب والتمييز وشتى أشكال الانتهاك والتجاوز، ويهمها أن تعبر عن:
- تضامنها اللّامشروط مع الشعب الفلسطيني ومقاومته في صمودهما ضدّ جيش الاحتلال الصهيوني. وتدعو جميع الأحرار في العالم إلى تكثيف أشكال الضغط على دولة الاحتلال وحلفائها، من أجل إيقاف العدوان وتفعيل القوانين الدولية التي تجرّم بوضوح حرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد شعب بأسره.
- تمسكها بتفعيل منظومة الحقوق الإنسانية كَحَامٍ أساسي للشعوب أمام إرادات الاستبداد والغطرسة والهيمنة العالمية.
- تمسكها بالنضال ضد عودة الحكم الاستبدادي إلى بلادنا، مهما كان خطابه ومبرراته. والإفراج الفوري عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي. خاصة ضحايا المرسوم 54 الذي أصبح أداة سلطوية من أجل ضرب حريات الصحافة والتعبير والنشر.
- تدعو كل أنصار الحقوق والحرية والعدالة، إلى مزيد اليقظة والتعبئة المواطنية والمدنية ضد محاولات سلطة 25 جويلية لقتل الحياة العامة في البلاد، خاصة التضييق على النشاط الجمعياتي، من خلال تنقيح المرسوم 88 لسنة 2011 المُتعلّق بتنظيم الجمعيات. إذ تهدف هذه المحاولة إلى تبرير المنع السياسي وإغلاق الفضاء العام مجددا أمام الناشطات والنشطاء.