تقارير – البوصلة https://www.albawsala.com Thu, 29 Feb 2024 14:17:22 +0000 ar hourly 1 التقرير السنوي لمنظمة البوصلة لسنة 2023 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246330 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246330#respond Thu, 29 Feb 2024 14:17:18 +0000 https://www.albawsala.com/?p=6330
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [3.78 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246330/feed 0
أثر سياسات التقشف على ولوج الشباب الى خدمات الصحة https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246315 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246315#respond Thu, 29 Feb 2024 14:03:12 +0000 https://www.albawsala.com/?p=6315

Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [19.15 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246315/feed 0
حصيلة تجربة اللامركزية في تونس : مساهمة في تقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246049 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246049#respond Fri, 19 Jan 2024 13:33:39 +0000 https://www.albawsala.com/?p=6049
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [5.71 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20246049/feed 0
التقشف: ضرورة أم بؤس من الممكن تفاديه؟ https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20235811 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20235811#respond Tue, 10 Oct 2023 18:28:54 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5811
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [2.64 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20235811/feed 0
قراءة أولية في مراسيم 8 مارس 2023: قتل المواطنة باسم البناء القاعدي https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20235700 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20235700#respond Fri, 31 Mar 2023 14:25:19 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5700
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [554.29 KB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20235700/feed 0
عقد من التقشف https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225523 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225523#respond Mon, 21 Nov 2022 15:12:26 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5523
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [6.97 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225523/feed 0
التقشف, ّ المرض المزمن ّ للصحّة العمومية https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225492 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225492#respond Tue, 08 Nov 2022 15:43:31 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5492
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [4.96 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225492/feed 0
العدالة الجبائية رهان مصيري في متناول تونس https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225481 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225481#respond Thu, 03 Nov 2022 15:27:54 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5481
Loader Loading…
EAD Logo Taking too long?

Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [1.22 MB]

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225481/feed 0
مرسوم الجرائم الإلكترونية: حصان طروادة النظام الجديد https://www.albawsala.com/ar/publications/20225465 https://www.albawsala.com/ar/publications/20225465#respond Thu, 06 Oct 2022 12:56:07 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5465 سـارعت العديد من الدول منذ نهاية القرن الماضي لإيجاد تشـريعات خاصة قصد مكافحة الجرائم الإلكترونية، وبكونها جرائم عابرة للقارات صدرت اتفاقية بودابيست سنة 2001 المتعلقة بالجريمة الإلكترونية، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لدرء مخاطر هذه الجرائم.

غالبا ما يترتب عن الجريمة الإلكترونية ضرر جسيم للأفراد أو المؤسسات، ويكون في أغلب الأحيان الدافع من وراء ارتكابها ابتزاز الضحية وتشويه سمعتها من أجل تحقيق مكاسب مادية وذلك باستخدام الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت.

 تتشابه الجريمة الإلكترونية مع الجريمة العادية في عناصرها من حيث وجود الجاني والضحية وفعل الجريمة، ولكن تختلف عن الجريمة العادية باختلاف البيئات والوسائل المستخدمة، فالجريمة الإلكترونية يمكن أن تتم دون وجود الشخص مرتكب الجريمة في مكان الحدث، كما أن الوسيلة المستخدمة هي التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة والشبكات المعلوماتية.

ومن أكثر الجرائم الإلكترونية انتشارا على سبيل المثال جريمة انتحال الشخصية، إذ يستدرج المجرم الضحية ويستخلص منها المعلومات بطرق غير مباشرة، من أجل الاستفادة منها واستغلالها لتحقيق مكاسب مادية. كذلك تفاقمت جريمة تهديد الأفراد في السنوات الأخيرة وهي جريمة يقوم من خلالها الجاني بقرصنة وسرقة معلومات شخصية وخاصة جداً بالنسبة للضحية، ثم يقوم بابتزازها من أجل كسب الأموال أو تحريضها للقيام بأفعال غير مشروعة.

كما تستهدف الجريمة الإلكترونية المؤسسات والشركات الكبرى وذلك باختراق الأنظمة، مما يتسبب بخسائر مادية كبيرة زد إلى ذلك الخسائر الناجمة عن تدمير النظم مما يؤثر حتما على الوضع الاقتصادي للدول.

كما يمكن أن تستهدف الجرائم الإلكترونية أمن الدولة من خلال برامج التجسس، وذلك بزرع تطبيقات أو أنظمة إلكترونية داخل المؤسسات تمكّن على سبيل المثال من الاطلاع على مخططات عسكرية تخص أمن البلاد، لذلك فهي تعتبر من أخطر الجرائم المعلوماتية.

ما من شك اليوم أن تونس تأخرت في وضع قانون لمكافحة الجرائم الإلكترونية، خاصة وأن أغلب الدول المتقدمة سنّت قوانين في الغرض منذ أواخر القرن الماضي وذلك لوعيها بتداعيات هذه الجرائم على سلامة الأفراد والدولة.

تحرص الدول الديموقراطية عند سنّ القوانين المقيّدة للحقوق والحريات على استعمال أقل الوسائل تدخلا لعدم إلغاء الحق، كما غالبا ما يتمتع القضاة بسلطة واسعة بغاية الدفاع عن الحريات. إلا أن الأنظمة الدكتاتورية تتخذ من قوانين مكافحة الجريمة الإلكترونية مثلا غطاء لإلغاء حقوق أخرى على غرار الحق في الخصوصية والحق في حريّة التعبير دون تهديد أو ترويع.

وفي هذا السياق، أصدر رئيس الجمهورية بتاريخ 13 سبتمبر 2022 المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

ويعتبر المرسوم 54 خطوة جديدة يقوم بها النظام الحاكم نحو تشديد الرقابة على الأفراد وترويع الصحفيين والصحفيات وكل منتج أو ناشر لمحتوى على شبكة الأنترنت. إذا جاء المرسوم 54 بفصول ومصطلحات فضفاضة وعقوبات زجرية تفتح أبواب السجون التونسية على مصرعيها أمام كل شخص يمتلك جهاز حاسوب أو هاتف ذكي متصل بالشبكة.

في واجب الحفظ: تناسي الحق في النسيان

فرض الفصل 6 من المرسوم 54 على مزودي خدمات الاتصال أن يحفظوا البيانات المخزنة في نظام معلوماتهم الخاص لمدّة لا تقل عن سنتين. في المقابل لم تحدد المدّة الزمنية القصوى لحفظ البيانات، فقد أحال المرسوم 54 سلطة تقدير المدة الزمنية لكل من وزير الدفاع الوطني والداخلية والعدل والاتصالات بمقتضى قرار مشترك.

ومن البيانات الواجب حفظها تلك التي تمكن من التعرف على مستعملي الخدمة والمتعلقة بحركة الاتصال والأجهزة الطرفية للاتصال والموقع الجغرافي للمستعل والبيانات المتعلقة بإتاحة واستغلال محتوى ذي قيمة مضافة محمي.

رغم أن المعطيات الواجب حفظها يمكن أن تحتوي على معطيات شخصية حساسة، لم يحدد المرسوم مدّة زمنية معقولة تعفي مزودي الخدمات من واجب الحفظ. حيث لا شيء يمنع الوزراء السالف ذكرهم من تحديد المدة الزمنية لحفظ البيانات لعشرين عام على سبيل المثال، وهذا من شأنه أن يهدد الحق في النسيان وهو من أهم الحقوق التي نصت عليها المعاهدات الدولية والاتفاقات الإقليمية.

كما لم يتطرق المرسوم للضمانات القانونية المتعلقة بحقوق الأفراد من قبيل الحق في النفاذ للبيانات المخزنة والحق في الحصول على نسخة من هذه المعطيات، كما تناسى المرسوم 54 الحق في معرفة عمليات المعالجة للمعطيات المخزنة. وإن كانت بعض الحقوق المذكورة غير منصوص عليها صراحة صلب قانون 27 جويلية 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية، إلا أنها حقوق متفق عليها منذ أواخر القرن الماضي وتبنتها العديد من الدول في قوانينها الوطنية وخاصة داخل الفضاء الأوروبي. وبالتالي كان من الاجدر على الأقل تنقيح قانون حماية المعطيات الشخصية المعطّل منذ سنوات لحماية الافراد بغاية مطابقته مع المعايير الدولية، وهذا ما طالبت به الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية منذ سنوات.

إلا أن نيّة المشرع لم تسلك هذا الاتجاه باعتبار أنه مازال يعتبر الحقوق الرقمية “غير مهمة” أو ليست “ذات أولوية” بالمقارنة بباقي الحقوق، كذلك في غياب قانون ناجع وهيئة لحماية المعطيات الشخصية تتمتع بصلاحيات واسعة وقضاء متمكن من الحقوق الرقمية ستبقى خصوصية المواطنين والمواطنات مستباحة سواء من طرف أجهزة الدولة أو القطاع الخاص.

إن الاتفاقيات الدولية و ان تعطي الحق للحكومات في تحديد العقوبات و الإجراءات الواجب اتباعها من خلال قوانينها الوطنية المتعلقة بمكافحة الجريمة الالكترونية، إلا أنها تفرض في الآن ذاته أن تكون العقوبات متناسبة ومقيّدة بضوابط، على غرار ما جاء في القرار عدد 5029/71 للمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان حيث أكدت المحكمة على أنه “من خصائص الأنظمة البوليسية مراقبة المواطنين بطريقة سريّة، و هذا غير مقبول، إلا إذا كان لضرورة قصوى بغاية حماية المؤسسات الديموقراطية” و بالتالي إن كان الشغل الشاغل لرئيس الجمهورية حماية المؤسسات الديموقراطية، كان من باب أولى و أحرى الحفاظ على العديد من المكتسبات التي تم التراجع عنها و تنقيح القوانين التي تمسّ بالحقوق الرقمية قصد التطابق مع المعايير الدولية و فرض حماية ناجعة للموطنين و المواطنات لا لأجهزة الدولة.

إن واجب الحفظ لمدة زمنية غير محددة مسبقا و بعبارات دقيقة و مفهومة يمكن أن يطرح العديد من المشاكل الأخرى، إذ يحمل على مزودي الخدمة الحفاظ على البيانات بطريقة تضمن سلامتها و دقتها، فبالإضافة للتكلفة الباهظة للقيام بهذه المهمة و في ظل تزايد الجرائم الإلكترونية فإنه في طول مدّة الحفظ خطر محقق على المعطيات الشخصية للأفراد التي كما ذكرنا يمكن أن تكون معطيات حساسة على غرار المعطيات الطبية التي تتصدر قائمة المعطيات المنتهكة في العالم خاصة بعد أزمة كورونا، و كذلك المعطيات البنكية التي أصبحت مهددة بشكل أكبر في تونس في ظل تزايد محاولات الاعتداء على البنوك التونسية و الشركات الكبرى على غرار ما يقع في سائر دول العالم، إلا أن هذه المؤسسات المالية غالبا ما تتكتم عن هذه الهجمات الإلكترونية حفاظا على سمعتها التجارية غير مكترثين بحقوق الافراد مثل إعلامهم بقرصنة معطياتهم الحساسة.

سلطة مطلقة في معاينة الجرائم وغياب هيكل رقابي

صدر سنة 2013 الأمر عدد 4506 المتعلق بإحداث الوكالة الفنية للاتصالات، وقد أثار صدور هذا الامر استنكار منظمات المجتمع المدني في تونس، فبالإضافة لحساسية المهام المناطة للوكالة الفنية للاتصالات مثل معاينة جرائم أنظمة المعلومات وتأمين الدعم الفني للأبحاث العدلية، طرح أمر إحداثها مشكل قانوني، إذ لا يمكن بمقتضى أمر حكومي إحداث وكالة بهذه الأهمية التي تنبش معطيات المواطنين والمواطنات عند تنفيذها لمهامها مما يشكل خرق صارخ للدستور بما في ذلك دستور 1959 في فصلة التاسع.

بعد صدور المرسوم 54، أصبحت المهام الموكلة للوكالة الفنية للاتصالات فيما يخص معاينة الجرائم وتنفيذ أذون الاعتراض والنفاذ من مهام وكلاء الجمهورية ومساعدوهم ومأمورو الضابطة العدلية ومأمورو الضابطة العدلية العسكرية والأعوان الراجعون بالنظر للوزارة المكلفة بالاتصالات بمقتضى قوانين خاصة.

استوعب المرسوم 54 أهم ما جاء في الأمر الحكومي عدد 4506 لسنة 2013. وهو ما يؤكد تجاهل السلطة الحالية للخروقات القانونية والتهديدات الجادة للحقوق والحريات التي نادت بتعزيزها منظمات المجتمع المدني في العديد من المحطات.

وبالرجوع للفصل 6 من المرسوم نجد أن المعطيات التي يجب حفظها غير متناسبة مع الغاية والضرورة وذلك لكثرتها وحساسيتها، كما يشكل عدم تحديد قائمة حصرية في من يخول لهم الاطلاع ومعاينة الجرائم وجمع الأدلة تهديدا صريحا للحق في الحياة الخاصة والحق في الخصوصية. وفي هذا السياق أصدرت محكمة التعقيب الفرنسية في جويلية الماضي قرار يقضي بتقليص المعطيات الواجب حفضها و الحد من الولوج إليها، و قد أكدت المحكمة على أن المعطيات التي يتم حفظها تحتوي حتما على بيانات حساسة لا يجب أن يتم الاطلاع عليها من قبل عدد كبير أو غير محدد من الأشخاص على غرار المعطيات المتعلقة بالآراء السياسية و النقابية و التوجهات الفلسفية و الجنسية و العقائدية، و أكدت محكمة التعقيب الفرنسية في نفس السياق أن القاضي الفرنسي يجب أن يتخلى على القاعدة القانونية الوطنية إذا كانت تتعارض مع المعاهدات الدولية و الأوروبية باستثناء الجرائم الخطيرة التي تهدد سلامة الأمن القومي أو الجرائم المنظمة كتجارة المخدرات.

بالإضافة لعدم التنصيص صلب المرسوم 54 على تقليص الأشخاص المخول لهم الولوج للبيانات المخزنة، تم تناسي الضمانات القانونية في صورة الاطلاع عليها من طرف باقي أجهزة الدولة. إذ لم يتم إحداث هيكل مستقل أو هيئة وطنية كاملة الصلاحيات لمراقبة التجاوزات التي يمكن أن ترافق عملية معاينة الجرائم وتنفيذ أذون الاعتراض و النفاذ قصد التأكد من سلامة الإجراءات و عدم المسّ بالحقوق و الحريات، و هو ما يتعارض مع الاتفاقيات و المعايير الدولية التي حتى و إن أسندت مثل هذه الرقابة للسلطة القضائية أوصت بفرض رقابة بعدية عند القيام بإجراءات مماثلة، و في ظل الصراع الذي تعيشه السلطة القضائية اليوم مع رئاسة الجمهورية (مما أدى للمس من استقلاليتها) تبقى مهمة حماية حقوق الأفراد و خصوصيتهم بيد السلطة التنفيذية.

في الإشاعة والاخبار الزائفة: إطلاق رصاصة الرحمة على حرية التعبير

ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع الإلكترونية في انتشار ملايين الأخبار الزائفة والإشاعات يوميا، وقد اتخذت العديد من الدول الديموقراطية بطبيعة الحال عدّة تدابير قصد مكافحة هذه الظاهرة قصد حماية حقوق الأفراد.
إلا أن بعض الدول على سبيل المثال كالسعودية ومصر وسوريا وباكستان اتخذت من ظاهرة الأخبار الزائفة ذريعة لإلغاء الحق في حرية التعبير على إنترنت وذلك بإصدار قوانين زجرية غير متناسبة مع المعايير الدولية.

وبصدور المرسوم 54، انضمت تونس لنادي الدول المعادية لحرية التعبير تحت غطاء مكافحة الجريمة الإلكترونية، إذ “تسرّب” للمرسوم الفصل 24 الذي أطلق رصاصة الرحمة على أهم مكتسب من مكسبات الثورة.

وجاء بالفصل 24 “يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان.

ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية. وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه.”

ولفهم فلسفة واضع المرسوم يكفي أن نحدد أين “تسرّب” الفصل 24، إذ ورد صلب القسم الثاني في الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة أو بيانات معلوماتية تحت القسم الفرعي الثالث في الإشاعة والأخبار الزائفة. وفي وجود الفصل المذكور مع الجرائم الأخرى مثل الاحتيال المعلوماتي أو التدليس المعلوماتي مع التنصيص على العقوبات السالبة للحرية ذاتها دليل على أن النظام يواصل بخطى ثابته نحو إلغاء حرية التعبير.

ما من شك أن المشرّع بإمكانه وضع ضوابط على الحقوق لحماية مصالح مشروعة مثل حقوق الغير أو الأمن القومي. إلا أن تقييد الحقوق والحريات لا يمكن أن يكون بوضع نصوص زجرية غامضة المصطلحات وتجرّم أفعال غير دقيقة وهذا يتعارض مع فلسفة التشريع في المادة الجزائية التي تقتضي صياغة واضحة ونصوص دقيقة واستعمال مصطلحات غير فضفاضة عند تجريم الأفعال.

إلا أن الفصل 24 وغيره من مرسوم 54 تجاهل قواعد صياغة النص الجزائي مما سيؤدي حتما إلى إطلاق يد السلطة التقديرية للسلطات الأمنية والقضائية لتتبع الصحفيين/ات والمدونين/ات والناشطين/ات في المجتمع المدني والسياسيين/ات وعموم المواطنين/ات وهو ما يتعارض مع المعايير الدولية والقوانين المقارنة التي اتخذت من الخطية المالية عقوبة نشر الإشاعات والاخبار الزائفة بدلا من العقوبات السالبة للحرية.

كما يخرق الفصل 24 من المرسوم 54 الضوابط الدستورية المنصوص عليها بالفصل 55 من الدستور الواجب احترامها عند تقييد الحقوق والحريات، إذ لم يحترم واضع المرسوم شروط الضرورة والتناسب عند صياغة الفصل ،24 ويقصد بالتناسب أن تكون التدابير التي تمسّ بالحقوق والحريات متناسبة لتحقيق وظيفتها الحمائية، كما يجب أن تكون أقل الوسائل تدخلاً مقارنة بغيرها من الوسائل التي يمكن أن تحقق النتيجة المنشودة، ويجب أن تكون متناسبة مـع المـصلحة التي ستحميها. وبعد إلغاء الرئيس لهيئة مراقبة دستورية القوانين و في غياب محكمة دستورية مستقلة تنتفي أي رقابة على القوانين التي تتعارض مع الدستور.

إذ أقرّ الفصل 24 عقوبات زجرية لجريمة نشر الأخبار الزائفة أو إشاعات كاذبة ووضعها في نفس المستوى مع باقي الجرائم مثل الثلب والشتم. بل أكثر من ذلك، إذا كانت الأخبار الزائفة تتعلق بموظف أو شبه موظف ترتفع العقوبة لعشرة سنوات سجن و100 ألف دينار خطية في دولة تتزايد فيها الطوابير يوميا لاقتناء مادّة السكّر وغيرها.

كما يفهم من الفصل 24 أن المشرّع يعتبر الأخبار الزائفة أشد خطورة من نشر محتوى إباحي لقاصر الذي حسب الفصل 26 يستوجب عقوبة بستة سنوات سجن وخطية قدرها 50 ألف دينار. وبالتالي لا مجال للشك أن المرسوم 54 جاء في ظاهره ليكافح الجريمة الإلكترونية إلا أنه في باطنه جاء ليكافح حرية التعبير على أنترنت ولإرساء حصانة غير مشروعة للموظف العمومي وشببه في تعارض صارخ مع مبدأ المساواة بين الأفراد أمام القانون.

وتتجلى كذلك مكافحة حرية التعبير والعمل الصحفي الحرّ من خلال ما ورد بالفصل 9 من المرسوم، حيث مكّن الأجهزة الأمنية من طلب البيانات المعلوماتية المخزنة بنظام أو حامل معلوماتي أو المتعلّقة بحركة اتصالات أو بمستعمليها أو غيرها من البيانات التي من شأنها أن تساعد على كشف الحقيقة، وبحجز كامل نظام معلومات أو جزء منه أو حامل معلوماتي، بما في ذلك البيانات المخزنة به والتي من شأنها أن تساعد على كشف الحقيقة.

إن ما ورد بالفصل 9 من المرسوم يشكّل تهديدا صريحا لحق الصحفيين في سرية المصادر المنصوص عليه بالفصل 11من المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، والذي اشترط، للحصول على المعلومات التي بحوزة الصحفيين، وجود إذن قضائي وبشرط أن تكون تلك المعلومات متعلقة بجرائم تشكل خطرا جسيما على السلامة الجسدية للغير، وأن يكون الحصول عليها ضروريا لتفادي ارتكاب هذه الجرائم وأن تكون من فئة المعلومات التي لا يمكن الحصول عليها بأي طريقة أخرى. والتالي صادر الفصل 9 من المرسوم الحق في سرية المصادر وهو من أهم الحقوق في المجال والضامن لممارسة العمل الصحفي بكل حرية.

كما جاء بالفقرة الثانية من الفصل 26 أنه يعاقب بالسجن مدة ستّة سنوات وخطية قدرها 50 ألف دينار كل من يقوم بنشر أو بث صور أو مقاطع تصويرية لاعتداء جسدي على الغير. وجاءت الفقرة الثانية من الفصل 26 في القسم الثالث المتعلق باستغلال الأطفال والاعتداءات الجسدية، فالواضح من خلال الفصل المذكور أن المشرع يساوي بين جريمة شديدة الخطورة والمتمثلة في نشر أو انتاج محتوى إباحي لقاصر وجريمة نشر صور اعتداء جسدي على الغير، مما يؤكد عدم التناسب بين الفعل المذكور والعقوبة المقررة لهذه الجريمة. كما سيؤدي هذا الفصل لترهيب المواطنين والمواطنات الذين يقومون بتصوير اعتداءات جسدية من طرف أجهزة الدولة التي رغم تواصلها لم يفصل القضاء في أغلبها، وبالتالي سيلغي هذا الفصل صحافة المواطنة وسيضع كل شخص أو مبلّغ عن إنتهاك جسيم للحرمة الجسدية إما أمام السجن والخطية المالية أو الحجب الذاتي مما يدعم الحصانة القانونية للموظف أو شببه. وبالتالي حسب ما جاء به المرسوم 54 لم يعد بالإمكان نشر مقاطع تصويرية ساعدت على تحريك النيابة العمومية في وقت سابق مثل ما وقع مع القاصر الذي نزعت ملابسه أو الاعتداء على المحتجين في جانفي 2021 والقائمة تطول.

ساعدت النصوص الزجرية والغير المتناسبة على سقوط النظام السابق خاصة بعد ما تزايد ربط المواطنين والمواطنات بشبكة الانترنت، إذ لا يمكن لأي دولة مهما كانت معادية للحقوق والحريات أن تتحكم بقبضة من حديد في محتوى ينشر على إنترنت بمجرّد سن قوانين في الغرض.

لم تعد تعتمد اليوم الدول والأنظمة الديموقراطية على النصوص السالبة للحرية لتعديل المحتوى على شبكات التواصل أو غيرها من المواقع، بل اتخذت أساليب أخرى مثل تكثيف الجانب التوعوي لدى الأفراد والقصر. وقد أثبت هذا التوجه ناجعته في العديد من الدول على غرار دولة إستونيا.

التوصيات

  • سحب المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.
  • اقتراح مشروع قانون يتعلق بالجرائم الإلكترونية تتم مناقشته بطريقة شفافة وتشاركية، وتأخذ بعين الاعتبار توصيات المجتمع المدني
  • تنقيح قانون حماية المعطيات الشخصية أو سنّ قانون جديد متطابق مع المعايير الدولية والأخذ بتوصيات الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية وتعزيز صلاحياتها ومواردها المالية
  • إحداث هيكل رقابي مستقل ماديا وإداريا يختص بمتابعة العمليات المتعلقة بمعالجة المعطيات الشخصية وسلامة الإجراءات عند معاينة الجرائم الإلكترونية
  • إدراج مادة التربية الرقمية في برامج التعليم الابتدائي وتكثيف العمل على الجانب التوعوي

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/20225465/feed 0
القانون الانتخابي: تعديلات تأسّس لمجلس رجالي من أصحاب الأموال والولاءات والقبليّة https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225342 https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225342#respond Mon, 19 Sep 2022 13:16:54 +0000 https://www.albawsala.com/?p=5342 الفهرس
  1. نظام الاقتراع على الأفراد أو نظام التأسيس لبرلمان غير تمثيلي
  2. شروط الترشّح ومعضلة الـ400 تزكية
  3. تقسيم اعتباطي للدوائر الانتخابيّة
  4. سحب الوكالة أداة الابتزاز الجديدة للنوّاب
  5. استثناء المرشّح للرئاسة من العقوبة في حال تلقّيه تمويل أجنبي
  6. سدّ الشغور بالمجلس النيابي والحلّ الوحيد انتخابات جزئيّة
  7. الغاء التمويل العمومي وامالة الكفة لأصحاب المال
  8. مرسوم تسرّبت له أخطاء في اختصاص الدوائر حول النزاعات الانتخابيّة
  9. الفصل 104: تعذّر اجراء الانتخابات وعدم مطابقة الرأي مع الهيئة

******************************************************************************************************************************

السياق

بطريقة أحاديّة، أصدر رئيس الجمهوريّة في الرائد الرسمي للبلاد التونسيّة، ليلة الخميس 15 سبتمبر 2022، المرسوم 55 لسنة 2022، الذي يتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرّخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء. وأرسل رئيس الجمهوريّة مشروع المرسوم للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، لابداء رأيها، فقط سويعات قبل صدور المرسوم بالرائد الرسمي، متجاهلا الدور المحوري للهئية في العمليّة الانتخابيّة.

فمنذ أن أعلن سعيّد عن حالة الاستثناء في 25 جويلية 2021، أصدر بطريقة انفراديّة، عديد النصوص القانونية المتعلّقة بالانتخابات كالقوانين المؤطّرة لمسار الاستفتاء كالمرسوم عدد 22 لسنو 2022، المؤرّخ في 21 أفريل 2022 المنقّح للقانون الأساسي الخاص بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات. الذي أعطيت بمقتضاه اختصاص تعيين أعضائها لرئيس الجمهورية عوضا عن مجلس نواب الشعب وتغيير نظام حصانتهم الذي أسندت سلطة البتّ في رفعها إلى مجلس الهيئة مكان مجلس نواب الشعب. بالاضافة لتقليص عدد الأعضاء من 9 إلى 7 أعضاء.

كما أصدر رئيس الجمهوريّة المرسوم عدد 34 لسنة 2022، المؤرّخ في غرّة جوان 2022 والمنقّح والمتمّم للقانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014، المؤرّخ في 26 ماي 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء الذي أقرّ نظام التسجيل الآلي للناخبين والناخبات. بالاضافة للمرسوم عدد 32 لسنة 2022، المؤرّخ في 25 ماي 2022 والمتعلّق بأحكام استثنائية حول استفتاء 25 جويلية الذي غيّر الأجل الأقصى الذي يجب أن يصدر فيه للعموم النص موضوع الاستفتاء.

وحيث لم يصبح هذا التوجه الانفرادي غريبا على رئيس الجمهوريّة، بالرغم من أهميّة التعديلات التي شملها المرسوم 55، اذ أنه يواصل انتهاج هذه الممارسات على غرار ما حصل مع محطّات خارطة الطريق السابقة من استشارة الاكترونيّة واستشارة وطنيّة وتعديل للدستور وصولا لاجراء الاستفتاء في سياق رفض واسع من الفاعلين المدينيّن والسياسيّن.

ومن منطلق عملها على مراقبة التشريعات والمؤسّسات تقدّم منظّمة البوصلة قراءتها في أهم التعديلات التي أدخلت على القانون الانتخابي لتوضيحها للمواطنات والمواطنين من ناحية والوقوف على أهم مخاطرها من ناحية ثانية.

  • نظام الاقتراع على الأفراد أو نظام التأسيس لبرلمان غير تمثيلي

يعدّ التحوّل من نظام الاقتراع على القائمات الى نظام الاقتراع على الأفراد من أبرز نقاط التحوّل في النظام الانتخابي التونسي بعد هذه التعديلات الواردة في المرسوم 55، ليصبح التصويت في الانتخابات التشريعيّة على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابيّة ذات مقعد واحد. حيث يختار النّاخب مترشّحا واحدا في ورقة التّصويت دون شطب أو تغيير أو إضافة ويتم اللجوء الى الدور الثاني في أجل الأسبوعين التاليين للاعلان على النتائج النهائيّة في حال لم يتحصّل أحد المرشحيّن في الدور الأوّل على الأغلبيّة المطلقة.

ويعدّ هذا التغيير الجوهري خطيرا على مجموعة من المكاسب التي تمّ مراكمتها بإعتبار أنه لن يضمن تمثيليّة متوازنة لكل الفئات الاجتماعيّة كالمرأة والشباب، باعتبار التخليّ عن مبدأ التناصف ومبدأ تمثيل الشباب في القائمات إلّا أنه أيضا يكثّف، باعتبار التركيبة المجتمعيّة التونسيّة، في تغذية الانتخاب على أساس الانتماء القبلي والأسري الذي لا يقوم على أسس البرامج بل على أساس الرابط العرقي.

ففي حين ضمن مبدأ التناصف في الانتخابات التشريعيّة وخاصة البلديّة السابقة تمثيليّة للمرأة والشباب في المجالس المنتخبة، وكان المأمول اضافة مبدأ التناصف عموديا لمزيد تحقيق تواجد هذه الفئات الاجتماعيّة بشكل متناسب مع تمثيليّتها في المجتمع، يأتي هذا المرسوم لينسف كل فرص التناسب ويجعل من المجلس النيابي القادم مجلسا تغيب عنه النساء وتتراجع فيه تمثيليّة الشباب.

من جهة أخرى تتفاقم سلبيّات الاقتراع على الأفراد في المجتمعات التي تملك تقاليد انتخابيّة وسياسيّة ومنظومات حزبيّة قويّة التي تذهب لاعتماد تمثيل نسبي أو مختلط بإعتبارهما يترجمان بطريقة أفضل بكثير أصوات الناخبين عند توزيع المقاعد النيابيّة عوض النظام الانتخاب على الأفراد الذي تم اعتماده في المرسوم 55 والذي سيكون مدخلا لتشجيع المستقلّين، وخاصة من أصحاب الأموال والجاه.

ليصبح انتماء النائب انتماء أكثر جهويّة ومرتبطا بشبكات المصالح المحليّة والقبليّة في حين أن الأصل هو أن كلّ نائب هو ممثّل للأمة وليس ممثلا سكتاريا لقبيلة أو دائرة أو لمصالح مجموعة معيّنة.

  • شروط الترشّح ومعضلة الـ400 تزكية

شملت التنقيحات في شروط الترشّح الفصل 19 حيث تم إضافة 3 شروط في الفصل 19 وهي شرط عدم حمل جنسيّة أجنبيّة بالنسبة للمترشّحين بالدوائر الانتخابيّة بالتراب التونسي، بالاضافة لضرورة اقامة المترشّح بالدائرة الانتخابيّة المترشّح عنها. كما أضيف شرط النقاء من السوابق العدليّة (عبر تقديم البطاقة عدد 3 أو وصل في الحصول عليها).

أما في مسألة الجنسيّة الأجنبيّة فقد ظهر تناقض هام حيث يمكن لناخب يسكن خارج تراب الوطن من أن يكون عضوا بالمجلس التشريعي وهو حامل لجنسيّتين في حين لا يمكن لنفس الناخب أن يكون عضوا بنفس المجلس ان كان ساكنا داخل التراب التونسي وهو ما يعدّ مخالفة صريحة للفصل 23 من الدستور الجديد المتعلّق بالمساواة بين التونسيّات والتونسيّين في الحقوق. كما يمكن اعتبار أن هذه النقطة تتعارض مع مبدئ القيود المشروعة للحقوق والحريّات التي جاء بها الفصل 55 من الدستور الجديد الذي ينصّ على أنه يمكن الحدّ من بعض الحقوق في حالات مرتبطة بالأمن العام وغيرها من الضرورات باعتبار التناقض هنا، اذ أنه ان اعتبرنا أن حامل الجنسيّة الثانية يندرج ضمن هذه الضرورات فيجب منع كلّ من له جنسيّة ثانية من أن يكون عضوا في المجلس التشريعي وان اعتبرنا عكس ذلك فيمكن لكلّ من له جنسيّة ثانية أن يكون عضوا في المجلس. لكنّ ما أتى به هذا الفصل يمثّل اشكالا دستوريّا واضحا في مسألة المساواة بين الناخبات والناخبين. كما أن هذا الاجراء يعدّ منافيا ومتعارضا مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

أما فيما يخصّ الوثائق المطلوبة لتقديم الترشّح فقد تم اضافة أربعة نقاط للفصل 21 وهي شهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلديّة وشهادة إقامة للتثبّت من امكانيّة الترشّح في الدائرة الانتخابيّة المذكورة بالاضافة لتضمين موجز البرنامج الانتخابي للمترشّح.

أما الاضافة الرابعة فتتمثّل في تقديم قائمة اسميّة تضمّ 400 تزكية من النّاخبين المسجّلين في الدّائرة الانتخابيّة معرّف عليها بإمضاء المزكّين لدى ضابط الحالة المدنيّة أو لدى الهيئة الفرعيّة للانتخابات المختصّة ترابيّا على أن يكون نصف المزكّين من الإناث والنّصف الثّاني من الذكور، على أن لا يقلّ عدد المزكّيات والمزكّين من الشّباب دون سنّ الخمس والثّلاثين عن 25 % مع التنصيص على عدم امكانيّة تزكية أكثر من مترشّح واحد.

حيث يعدّ هذا الشرط تعجيزيا على مستويين الأول المستوى التقني والعملي فإن أخذنا مثال دائرة انتخابيّة مثل دائرة الأمريكيّتين التي تتكوّن من جميع دول القارّة الأمريكيّة التي تتواجد بها ببعثات دبلماسيّة تونسيّة، كيف من الممكن في ظرف أقلّ من شهر على مترشّح أن يجمع امضاءات 400 شخص معرّفة وباحترام النتاسب الذي نصّ عليه الفصل، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى اذا أخذنا مثال دائرة انتخابيّة داخل تراب الوطن، يتقدّم فيها للانتخابات فقط 20 شخصا أي ما لا يقلّ عن 8000 مزكّي في أقلّ من شهر. فكيف سيكون ذلك ممكنا لوجستيا في عمل البلديات من ناحية وفي عمليّة التثبّت فيما بعد في أن المزكّي لم يزكّي أكثر من شخص خاصة وأن لنا سوابق في هذه المسألة شملت سابقا حتى تزوير تزكيات بعض النوّاب في الانتخابات الرئاسيّة الفارطة.

أما المستوى الثاني وهو الأهم فالتزكيات غير ممكنة الا من ناخبات وناخبي الدائرة في حين أن تمثيليّة النائب وطنيّة وكان من المفروض عدم التنصيص بأن تكون التزكيات مرتبطة بالتقسيم الترابي لأن النائب حال دخوله المجلس التشريعي يصبح ممثلا للشعب بأكمله وليس ممثّلا لمنطقته الترابيّة بحكم أنه سيعدّ تشريعات للوطن بأسره.

بالاضافة لكون هذه الحواجز غير معقولة وغير قابلة للتحقيق فإنها تعدّ حواجز مانعة لممارسة حقّ أساسيّ في المشاركة في الحياة العامة والسياسيّة، بإعتبار أن هذه الشروط لا يمكن أن تتوفّر الّا لدى الأشخاص المدعومين سياسيّا أو اديولوجيّا على عكس ما روّج له رئيس الجمهوريّة من فتح للمجال العام أمام عموم المواطنات والمواطنين. إذ أن تجميع هذه التزكيات سيصبح حكرا إما على الدوائر الماليّة القانونيّة أو الموازيّة، وإما على دوائر الوجاهة القبليّة أو العشائريّة أو العائليّة.

  • تقسيم اعتباطي للدوائر الانتخابيّة

يعد التقليص في عدد مقاعد المجلس التشريعي من 217 نائبا الى 161 مقعدا، حيث حُدّد العدد الجمليّ للدّوائر الانتخابيّة بـ161 دائرة، تتوزّع على 151 دائرة داخل تراب الوطن و10 دوائر في الخارج، من أبرز التعديلات التي أتى بها المرسوم 55 لسنة 2022. وهو ما فرضه نظام الانتخاب على الأفراد الذي يفترض دوائر انتخابيّة صغيرة. لكن هذا التقسيم لم يرتكز على أي من الضوابط والقواعد العلميّة لتحديد الدوائر الانتخابيّة باعتبار أنه لم يأخذ بعين الاعتبار التمثيل الديمغرافي. إذ نجد مثلا حسب قائمات الناخبين الأولية، بتاريخ 15 جوان 2022 بالداخل والخارج، المنشورة بموقع هيئة الانتخابات، أن دائرة الكباريّة ذات 52207 ناخبا ستتحصّل على مقعد في المجلس النيابي متساوية مع دائرة قرقنة التي ستتحصّل أيضا على مقعد في حين أن عدد الناخبين فيها هو 13404 أي ربع عدد الناخبين في دائرة الكبّاريّة.

لم يتوقّف الأمر حدّ عدم الأخذ بالمعطى الديمغرافي بل أيضا المعطى المجتمعي والسوسيولوجي للمعتمديّات التي تمّ ضمها ضمن دائرة انتخابيّة واحدة لتمثّل بمقعد واحد في المجلس التشريعي وهو ما سيخلق غياب تمثيليّة لبعض المعتمديّات. فمثلا ستمثّل كلّ من معتمديّة أم العرائس والرديّف والمتلوي والمضيلة وسيدي بوبكّر بمقعد واحد في المجلس باعتبار أنهم يشكّلون دائرة انتخابيّة واحدة. فإن أخذنا بعين الاعتبار أن المتلوّي هي الأكبر من حيث عدد الناخبين فيمكن أن نجد مرشحي الدور الثاني من الانتخابات من المتلوّي وبالتالي ستكون نسبة مشاركة بقيّة المعتمديّات ضعيفة أو منعدمة بإعتبار عدم وجود شخص يمثّلهم في هذا الدور.

  • سحب الوكالة أداة الابتزاز الجديدة للنوّاب

مكّن القانون الانتخابي الجديد من آليّة سحب الوكالة (الفصل 39 جديد) من النّائب في دائرته الانتخابيّة في صورة إخلاله بواجب النّزاهة أو تقصيره البيّن في القيام بواجباته النّيابيّة أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدّم به عند الترشّح.

لكن هذه الإضافة تبقى اضافة مبهمة باعتبار أنها تحتوى على مفاهيم غير موضّحة ومفسّرة بشكل يجعل منها قابلة للتحقيق فعلى سبيل المثال: كيف يمكن اعتبار أن هناك تقصيرا بيّنا كما جاء في النص أو كيف سيتمّ تكييف مفهوم عدم بذل العناية المطلوبة لينص المرسوم على أن عريضة سحب الوكالة تقدّم معلّلة وممضاة من قبل عٌشٌر النّاخبين المسجّلين بالدّائرة الانتخابيّة التي ترشّح بها النّائب المعني إلى الإدارة الفرعيّة للانتخابات المختصّة ترابيّا. لتختصّ الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في النظر في قبول أو رفض العريضة مع امكانيّة طعن أحد الطرفين فيه لدى الدائرة الابتدائيّة المتفرّعة عن المحكمة الاداريّة.

فكيف للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات البتّ في التقصير أو عدم القيام بالواجبات لتحقيق البرنامج الانتخابي؟ والحال أن الهيئة ليس لها أي دور سياسي بل يقتصر دورها على الدور التقني أي التثبّت في الوثائق اللازمة لتقديم عريضة سحب الوكالة في حين أن المرسوم يفردها بالنظر في القبول أو الرفض للعريضة ما يفرض عليها النظر في المضمون وتكييفه وهو لا يمكن أن يكون بأي حال دورها.

كما أن هذه الآليّة ستفتح كذلك الباب أمام عدم استقرار السلطة التشريعيّة باعتبار أن سحب الوكالات لن يخضع الى شروط واضحة بل لتوازن في القوى الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والماليّة وبذلك يصبح مصدرا لابتزاز النائب عوضا عن البحث عن مساءلته ومراقبته.

وفي حال قبول عريضة سحب الوكالة تحدّد الهيئة موعدا لتصويت النّاخبين عليها في الدائرة المعنيّة بمقتضى قرار يحدّد رزنامة عمليّة التّصويت. ويتمّ نشر هذا القرار في أجل لا يتجاوز الستّين يوما.
وتتمّ فيما بعد دعوة النّاخبين المسجّلين بالدّائرة الانتخابيّة المعنيّة بمقتضى أمر إلى التّصويت بالموافقة أو بالرّفض على سحب الوكالة من النّائب المعنيّ. على أن تعتبر نتيجة الأغلبيّة المطلقة للمقترعين على سحب الوكالة من النّائب المعنيّ، نتيجة تعلن شغور المقعد النّيابيّ فور إعلان الهيئة عن النّتائج النّهائيّة لعمليّة التّصويت.

وان حصل ذلك تضبط الهيئة موعدا للانتخابات التّشريعيّة الجزئيّة لسدّ الشّغور في الدّائرة الانتخابيّة المعنيّة في أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر.

وهذا يعني أن الهيئة محمولة على أن تنجز عمليّتين انتخابيّتين لتعويض النائب المسحوب منه الثقة، الأولى خلال التصويت على الموافقة أو رفض سحب الوكالة والثانية انتخابات جزئية لسدّ الشغور التي تخضع لنفس شروط الترشّح الأوّل من جمع للتزكيات وغيرها وهو ما سيرهق كاهل الهيئة تقنيا وماديّا خاصة وان ترافقت وتزامنت هذه العمليّة في أكثر من دائرة انتخابيّة في نفس الوقت.

  • استثناء المرشّح للرئاسة من العقوبة في حال تلقّيه تمويل أجنبي

تم التشديد في العقوبات في ما يتعلّق بالجرائم الانتخابيّة ( الفصل 161) حيث تم تعديل العقوبة المتراوحة بين 6 أشهر و3 سنوات وبخطيّة ماليّة من ألف الى 3 آلاف دينار كلّ شخص ثبت قيامه بتقديم عطايا نقديّة أو عينيّة قصد التّأثير على النّاخب، أو استعمل نفس الوسائل لحمل النّاخب على الإمساك عن التصويت سواء كان ذلك قبل الاقتراع أو أثناءه أو بعده، بعقوبة بالسّجن من سنتين إلى خمس سنوات وبخطيّة ماليّة من ألفين إلى 5 آلاف دينار.

كما تم اضافة وجوبيّة فقدان المترشّح لعضويّته بمجلس نوّاب الشّعب وحرمانه من حق الترشّح مدى الحياة في هذه الحالة. كما تقضي بحرمان النّاخب المستفيد من العطايا من حقّه في الانتخاب لمدّة عشر سنوات كاملة بداية من صدور الحكم النّهائي بالإدانة.

من جهة أخرى تم اضافة فصل 161 مكرّر ينصّ على عقاب بالسّجن من سنتين إلى خمس سنوات لكل مترشّح يتعمّد النّيل من عرض مترشّح آخر أو كرامته أو شرفه أو من انتمائه الجهويّ أو المحليّ أو العائليّ. ويُمكن للهيئة في حال ثبوت ذلك إلغاء الأصوات التي تحصّل عليها.

لكنّ صياغة هذا الفصل 163 جديد المتعلّق بتحصّل المترشّح على تمويل أجنبي أو مجهول المصدر فيأتي في فقرته الأولى على أن المستفيد يدفع خطيّة تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التمويل. لكن في فقرته الثانية يضع عقوبة السجن والحرمان من الترشّح فقط لأعضاء المجالس ولا يسحب هذه العقوبة على المترشّحين لرئاسة الجمهوريّة. حيث تقول الفقرة الثانية من الفصل 163 جديد ” ويفقد المترشّح المتمتّع بالتّمويل الأجنبي أو مجهول المصدر عضويّته بالمجلس المنتخب، ويعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات، ويحرم وجوبا من الترشّح لأيّ انتخابات قادمة من تاريخ صدور الحكم بالإدانة”. وهنا استنادا لقاعدة “لا وجود لعقوبة دون نص” وباعتبار أن رئيس الجمهوريّة ليس عضوا في مجلس ليفقد عضويّته فيه، فهو غير مشمول بالفقرة الثانيّة المتعلّقة بالعقوبات في حال حصوله على تمويل أجنبي أو مجهول للمصدر.

  • سدّ الشغور بالمجلس النيابي والحلّ الوحيد انتخابات جزئيّة

أما المستجدّ عند الشّغور النهائيّ (الفصل 34) لأحد المقاعد بمجلس نوّاب الشّعب فهو القيام بتنظيم انتخابات تشريعيّة جزئيّة في الدّائرة المعنيّة في أجل أقصاه ثلاثة أشهر من تاريخ معاينة الشّغور. ولم يعد من الممكن تعويض للمترشّح، كما كان عليه الأمر، بمترشّح من القائمة الأصليّة مع مراعات الترتيب.

كما تم اضافة فقدان العضويّة بموجب سحب الوكالة والذي سيعدّ شغورا نهائيا موجب للقيام بتنظيم انتخابات تشريعيّة جزئيّة لتعويض العضو المسحوب منه الوكالة. وهو ما سيجعل المجلس أعرجا في حال شغور يشمل عددا من النوّاب بسبب سحب الوكالة.

  • الغاء التمويل العمومي وامالة الكفة لأصحاب المال

أهم ما امتازت به التعديلات التي شملت تمويل الحملات في المرسوم الجديد (الفصل 75) هو الغاء التمويل العمومي والحفاظ فقط على امكانيّة التمويل الذاتي والخاص. سيميل هذا التعديل الكفّة لصالح الشبكات الماليّة والعشائريّة على عكس ما أريد منه بتخفيض تكلفة الانتخابات. حيث سيتمكّن أصحاب المال والجاه من تمويل حملاتهم الانتخابيّة وخاصة من يملكون امكانيّات تمويل حملاتهم عن طريق الاقتصاد الموازي في حين لن يتمكّن الناخبون الأقلّ حظّا من مجابهة مثل هذه الوضعيات دون تمويل عمومي يوفّر لهم الأدنى.

  • مرسوم تسرّبت له أخطاء في اختصاص الدوائر حول النزاعات الانتخابيّة

أسند الفصل 27 اختصاص البتّ في النزاعات في الطور الابتدائي الى الدوائر الجهويّة المتفرّعة عن المحكمة الاداريّة، والمقصود هنا 12 دائرة محدثة متفرّعة عن المحكمة الاداريّة في الجهات منذ 2017، وبالتالي يطرح هنا اشكال كبير، كون اختصاص هذه الدوائر لا يشمل كلّ تراب الجمهوريّة. فنجد مثلا أن قرارات النزاعات المتعلّة بالهيئات الفرعيّة لتونس الكبرى (بكلّ دوائرها) هي من المفروض أن تكون من اختصاص الدوائر في تونس (15 دائرة ابتدائيّة للمحكمة الاداريّة في تونس العاصمة) لكن المرسوم أسند الاخصاص لهذه الدوائر فقط للنظر في النزاعات المتعلّقة بالدوائر الانتخابيّة في الخارج ولم يشمل اختصاصها بالنص في النظر في نزاعات الدوائر الموجودة في كلّ من تونس وبن عروس ومنّوبة وأريانة. وبإعتبار أنه من غير الممكن التأويل في اختصاص المحاكم، فحسب نص هذا المرسوم لا يوجد جهة مختصّة في النظر في كل النزاعات الانتخابيّة التي ستحصل في تونس الكبرى. ولم يترك المرسوم المجال للتأويل هنا باعتبار أنه لم يتحدّث عن محاكم بل على دوائر الجهويّة فقط.

  • الفصل 104: تعذّر اجراء الانتخابات وعدم مطابقة الرأي مع الهيئة

تم تعديل الفصل 104 من القانون الانتخابي ليتلاءم وتغيير الفصول الجديدة من الدستور وليحيل على الفصل 96 من دستور 2022، في حال تعذّر إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد بسبب خطر داهم ليتمّ الإعلان عن تأجيلها ويحيل على الفصلين 63 و90 من الدستور في حال اقتضى التأجيل التّمديد في المدّة الرئاسية أو النيابيّة لتولّى مجلس نوّاب الشّعب التّمديد. لكن الاضافة في هذا الفصل ألغت مبدأ التطابق في الدعوة للانتخابات بعد التمديد بين رأيي رئيس الجمهوريّة والهيئة العليا المستقلّة للانتخابات. لتتحوّل الفقرة الثالثة من هذا الفصل الى “تتمّ الدّعوة للانتخابات بعد التّأجيل بأمر بعد استشارة الهيئة” عوض ” تتمّ الدّعوة للانتخابات بعد التمديد بأمر رئاسي بناء على رأي مطابق للهيئة”. وهو ما سيعطي لرئيس الجمهوريّة وحده تحديد ما سينصّ عليه الأمر حتى وان اختلف ذلك مع رأي الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وهو ما يبرز كذلك مزيد تهميش دور الهيئة.

]]>
https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20225342/feed 0