أثبتت جائحة كوفيد 19 في السنوات الأخيرة الحاجة الملحّة لاستعمال وسائل الاتصال عن بعد قصد الحد من انتشار العدوى سواء كان ذلك في القطاع العام أو الخاص. كما كشفت الجائحة مدى التأخر التكنولوجي الذي تعيشه تونس رغم الوعود المتكرّرة منذ سنوات عدّة بالتحول الرقمي.
ولئن بقيت وعود الانتقال الرقمي مجرّد شعارات تستعملها الأحزاب السياسيّة خلال حملاتها الانتخابيّة فقد ظهرت بعض المبادرات التشريعيّة غير المتطابقة مع المعايير الدولية مثل ما هو الحال مع مشروع قانون بطاقة التعريف البيو مترية. حيث أودعت وزارة الداخلية مشروع قانون في هذا الصدد بمجلس نواب الشعب يوم 5 أوت 2016، لكن ما تضمنه هذا المشروع من خطر على الحقوق والحريات خاصة في نقطتين أساسيّتين هما طبيعة الشريحة التي سيتم استخدامها في البطاقة من ناحية، وإنشاء قاعدة بيانات بيو متريّة للبطاقات من ناحية أخرى دفع عديد مكونات المجتمع المدني لرفضه والتحذير من تبنيه والدعوة لحسبه. وهو ما تمّ فعلا من قبل جهة المبادرة بعد أن تمت المصادقة عليه من قبل لجنة الحقوق والحريّات والعلاقات الخارجيّة التي عقدت آنذاك 8 جلسات لنقاشه.
أودعت الحكومة من جديد في 24 جوان 2020 نسخة معدّلة من مشروع قانون بطاقة التعريف البيو متريّة بالبرلمان. هذه نسخة كانت أفضل من سابقتها نسبيا لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار مخاوف المجتمع المدني من حيث حمايتها للمعطيات الشخصيّة. وبالرغم من ذلك خصّصت لجنة الحقوق والحريّات بمجلس نوّاب الشعب 4 جلسات لنقاش هذا القانون الذي بقي يجوب أروقة قصر باردو الى حدود تجميد أعمال المجلس يوم 25 جويلية 2021، ليعود التعاطي مع هذا القانون، لكن هذه المرة بصفة أحاديّة في سياق التدابير الاستثنائيّة التي جمع بمقتضاها رئيس الجمهوريّة السلطتين التنفيذيّة والتشريعيّة، بعد بلاغ أصدرته وزارة الداخلية بتاريخ 17 جانفي 2022 لتعلن عن استئناف العمل على مشروع بطاقة التعريف البيو متريّة.
مقايضة الحق في خدمات إدارية ناجعة وسريعة بالحق في الخصوصية
لا يختلف اثنان في أهميّة الانتقال الرقمي في البلاد التونسيّة على الصعيدين الاقتصادي والمجتمعي وذلك لضرورة المرور لتركيز خدمات إداريّة ناجعة وسريعة تمكّن المواطنات والمواطنين من قضاء شؤونهم عن بعد. ولتطوير هذه الخدمات ذهبت عديد الدول لاعتماد بطاقة التعريف البيو متريّة تمكّن حاملها من الولوج الى الخدمات عبر تقنية التعرّف على الشخص عبر قارئ للبطاقة يشبك مع الحواسيب ويقاطع بين بصمة الإصبع المخزّنة على البطاقة وبين البصمة التي يتم ادخلها وقت الولوج. هذا التعرّف على الشخص يمكّنه من إجراء عدّة معاملات عن بعد كالإمضاء الإلكتروني والتحويلات البنكيّة واستصدار وثائق ومصادقتها…الخ.
في تونس بقي مسار إرساء قانون منظم للبطاقة البيو مترية مترافقا بتخوفات عديدة من استغلال هذا الانتقال لمآرب أخرى فيها اعتداءات على خصوصيّة الأفراد وحدّ من حريّتهم وانتهاك لمعطياتهم الشخصيّة باعتبار أن مشاريع القوانين التي أودعت بمجلس نوّاب الشعب في مناسبتين 2016 و2020 لم تحدّد أطر استخدامات المعطيات البيو متريّة المخزّنة ولا كيفيّة تخزينها ولا كيفيّة الولوج لها بالإضافة الى عدة نقاط أخرى سيتم تناولها لاحقا.
ولفهم مدى أهميّة وخطورة بطاقة التعريف البيو متريّة يجب العودة للمفاهيم التي يقوم عليها هذا المشروع. فحسب الفصل الرابع من القانون الأساسي عدد 63، الصادر في 27 جويلية 2004 والمتعلق بحماية المعطيات الشخصية، تُعرف المعطيات الشخصية بكونها “كل البيانات مهما كان مصدرها أو شكلها والتي تجعل شخصا طبيعيا معرّفا أو قابلا للتعريف بطريقة ّ مباشرة أو غير مباشرة باستثناء المعلومات المتصلة بالحياة العامة أو المعتبرة كذلك قانونا”.
حسب نفس مشروع القانون، يكون الشخص الطبيعي قابلا للتعرف عليه كما ذكر الفصل الخامس من خلال مجموعة من المعطيات أو الرموز المتعلقة خاصة بهويته أو بخصائصه الجسمية أو الفيزيولوجية أو الجينية أو النفسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية.
يحيلنا تعريف المعطيات الشخصية على تعريف المعطيات البيومترية التي تعتبر معطى شخصي بامتياز، مثل بصمة اليد أو تقاسيم الوجه أو قزحية العين أو حتى طريقة المشي. وبالتالي فإن المعطيات البيومترية لا يمكن أن تتشابه من شخص لآخر عكس المعطيات الأخرى مثل الاسم أو اللقب أو تاريخ الولادة.
بطاقة التعريف الوطنية العادية–بطاقة التعريف البيو مترية
في البداية يجب توضيح الغاية من وجود وثيقة تسمى بطاقة التعريف الوطنية، حيث نجد تعريف لها صلب الفصل الأول من القانون عدد 27 لسنة 1993 مؤرخ في 22 مارس 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية الذي يعرّفها على أنها وثيقة شخصية تثبت هوية صاحبها. وهذا ما يدعّم الرأي القائل بأنها ليست وثيقة أمنية وبالتالي ليس من المعقول استخراجها من مراكز الأمن في حين يتم استخراجها في أغلب دول العالم من طرف وزارات ذات طابع إداري مثل وزارة الشؤون المحلية أو غيرها من الإدارات.
وبناء على التعريف السابق ذكره، فإن بطاقة التعريف البيومترية ستبقى وثيقة شخصية تثبت هوية صاحبها ولكنها ستتضمن معطيات أخرى متعلقة بالهوية وهي المعطيات البيومترية التي سيتم تخزينها داخل شريحة والتي سنتعرض لخصائصها التقنية لاحقا. يكمن الفرق الجوهري بين بطاقة التعريف البيومترية والبطاقة العادية في المعطيات التي سيتم تخزينها، حيث ستتضمن بطاقة التعريف البيومترية بصمة الإبهام الأيمن مرقمنة وصورة فوتوغرافية عوض الصورة الشمسية في بطاقة التعريف العادية.
في صورة تجميع هذه المعطيات في قاعدة بيانات شاملة سيصبح ممكنا تعريض الحياة الخاصة والمعطيات الشخصيّة للمواطنات والمواطنين للخطر باعتبار غياب ضمانات في مشروع القانون مما ينجر عنه مثلا التعرف الآلي على الأشخاص من خلال وسائل المراقبة البصرية التي يتم تركيزها في المساحات العامّة والخاصّة أو الاطلاع على المحتوى المشفّر لبطاقة التعريف دون وجود موجب أو دون علم صاحب البطاقة. .
بناء على ما سبق ودون تجاهل المقاربة الأمنيّة، يمكن اعتبار أن سيطرة وزارة الداخلية على مسار استصدار بطاقة التعريف والبحث عن تخزين المعطيات البيومتريّة تحت غطاء قانوني مثيرا للمخاوف وينبئ بانتهاج مقاربة فيها ضرب واضح للفصل 24 من دستور 2014 الذي ينصّ على حماية الدولة الحياة الخاصة، وحرمة المسكن، وسرية المراسلات والاتصالات والمعطيات الشخصية، والذي مازال ساري المفعول باعتبار أن الأمر الرئاسي عدد 117 لم يعلّق باب الحقوق والحريات.
عودة على كلّ الاتفاقات والمضي في مشروع جديد بمحتوى قديم
بعد توالي جلسات العمل بين جميع الأطراف المتداخلة في صياغة مشروع قانون بطاقة التعريف البيومترية، توصل أغلب المتداخلين وأبرزهم وزارة الداخلية والهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية أمام لجنة الحقوق والحريات لتعديلات مهمة بالمقارنة مع النسخة الأصلية1 بالرغم من تواصل الخلاف حول ضرورة إنشاء قاعدة بيانات بيومتريّة لبطاقات التعريف من عدمه.
إلا أنه في 17 جانفي الفارط أكدت وزارة الداخلية في بلاغها على أن مشروع القانون أصبح في مراحل متقدمة وسيتم إصداره قريبا بعد أن قامت الوزارة المعنية بإدخال “تعديلات” عليه، ليتبين بعد ذلك أن النسخة التي تم “تعديلها” هي النسخة الأولى التي كما ذكرنا سابقا تم سحبها من طرف وزارة الداخلية نفسها. وهذا ما أكده رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية السيد شوقي قداس في حوار لمنظمة البوصلة، من عدم استشارة الهيئة مؤخرا في هذا الشأن رغم أنه من صميم المهام المناطة بعهدتها.
النقاط الخلافية العالقة حول بطاقة التعريف البيو مترية
بعد المسار الطويل الذي عاشه مشروع قانون بطاقة التعريف البيو متريّة داخل وخارج البرلمان تم خلاله التداول في عديد النقاط العالقة، لم يتم التوصّل لصياغة مشروع يضمن حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصيّة الحساسة للمواطنين وذلك لتشبّث وزارة الداخليّة بنقطتين رئيسيتين ومحوريّتين اعتبرهما المجتمع المدني والهيئات الوطنية مدخلا للاعتداء على خصوصية الأشخاص وحدّا من حريّتهم. تتمثل هاتان النقطتان في عدم التنصيص على نوعيّة الشريحة المستخدمة في البطاقة وإنشاء قاعدة بيانات بيو متريّة.
وباعتبار أن تونس من الدول التي اختارت إجبارية استخراج بطاقة التعريف الوطنيّة وضرورة حملها والاستظهار يها في كلّ التنقلات، وجب التعمّق في أسباب الخلاف حول مشروع قانون بطاقة التعريف البيومتريّة خاصة وأن البلاد تعيش في حالة استثناء قد يصدر فيها قانون بهذه الأهميّة بأمر رئاسي غير قابل للطعن ممّا يمسّ بشكل جوهري من الحقوق والحريّات.
- قاعدة البيانات البيو متريّة
لم يأخذ مشروع القانون الحالي بعين الاعتبار مقترحات التعديل الحقيقية والضرورية التي طالبت بها العديد من منظمات المجتمع المدني بالإضافة لرئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية والتي تتمثل أساسا في عدم إحداث قاعدة بيانات تجمّع فيها معطيات 8 ملايين تونسي وتونسية تتوفر فيهم الشروط القانونية للحصول على بطاقة تعريف وطنية.
كما لم يجب هذا المشروع أيضا على جملة من الإشكاليات المتعلّقة بإحداث قاعدة بيانات بيومتريّة. تتمثّل هذه الإشكاليات في تحديد أنواع البيانات الإدارية التي سيتم حفظها في الجزء المشفّر من بطاقة التعريف الوطنية الجديدة، وتلك التي سيتم حفظها في قاعدة البيانات البيومترية، وإذا كان سيتم نسخ هذه البيانات احتياطيًا، إلى متى سيدوم ذلك، وبأي شكل.
في نفس الإطار، من المشروع التعبير عن عدّة مخاوف أخرى تتعلّق بالسلطات المخوّل لها الوصول إلى هذه البيانات الشخصية، الأسس القانونية التي تسمح لهذه السلطات بالحق في الوصول إلى قواعد البيانات والمؤسّسات أو الأفراد الذين سيكون لهم الحق في الوصول إلى البيانات الشخصية المشفرّة
كما لم تتم الإجابة عبر هذا المشروع عن مكان تخزين قواعد البيانات هذه، وعن امكانيّة ولوج حكومات أجنبية لهذه البيانات الشخصية، بالإضافة الى الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها لضمان أمانها.
من المهمّ الإشارة في هذا الإطار الى أنه من المستحيل تأمين مثل هذه البيانات. بل وذهبت عديد الدول لحظر إنشاء قاعدة بيانات بيو متريّة كما هو الحال في البرتغال. وحتى البيانات الحيوية التي يتم جمعها للمواطنين البرتغاليين لاستخراج بطاقات الهوية يتم إتلافها بعد ذلك مباشرة. وتوجهت أغلب الدول الى مقاربات تجمع فيها بيانات بيو متريّة لذوي السوابق فقط للحدّ من انتشار الجريمة ولا يكون ذلك معمّما على كافة المواطنات والمواطنين.
من ناحية أخرى يشكّل جمع كمٍ هائل من البيانات البيومترية خطراً كبيراً حيث تتزايد امكانيّات القرصنة وخرق البيانات بالرغم من تطوير إجراءات الحماية الرقمية، فقد حصلت عديد الحوادث لتسريب ولسرقة البيانات في عديد الدول، على غرار ما وقع في الهند والأرجنتين وما حصل في بداية هذه السنة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر حيث تم قرصنة بيانات حسّاسة لحوالي 515 ألف مهاجرا فارين من مناطق نزاع، الامر الذي أصبح يهدّد حياتهم. هذه الحوادث أثبتت ممّا لا يدع مجالا للشك في أنه من غير الممكن حماية قواعد البيانات البيومتريّة باعتبار أنها ستكون معرّضة لا فقط للقرصنة بل أيضا للاختراق عبر أشخاص لديهم الحق في الولوج اليها.
وبالعودة لتونس، يعدّ إحداث قاعدة بيانات لثمانية ملايين مواطن ومواطنة متعارضا مع الفصل 24 من دستور 2014 الذي ينصّ على سرية المعطيات الشخصية ومع الفصل 49 من دستور 2014 والذي ينص على أن الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات لا توضع إلّا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، وخاصة مع احترام مبدأ التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها.
- نوع الشريحة المستخدمة في البطاقة
من ناحية أخرى شكلت الشريحة التي سيتم اعتمادها ببطاقة التعريف البيومترية نقطة خلاف بين الأطراف المتداخلة، . فبالرغم من أن جل مشاريع القوانين التي أودعت لم تتعرّض لنوع الشريحة إلا أن النقاشات حولها أبرزت رغبة وزارة الداخلية الشديدة في اعتماد شريحة يمكن قراءتها عن بعد من طرف أجهزتها.
ولتوضيح الفرق هنا، فإن الشريحة التلامسيّة لا يمكن قراءتها إلا بعد ملامستها من قبل الآلة قارئة للبطاقات وهو ما يجعل من غير الممكن الاطلاع على محتوى البطاقة عن بعد وهذه المسألة جدّ مهمّة لحماية المعطيات الشخصيّة المخزّنة في البطاقة، حيث يعدّ التنصيص على نوعيّة الشريحة المستخدمة مركزيا ويمكن صاحب.ة البطاقة من التعرّف على الأشخاص الذين يقومون بالاطلاع على محتوى بطاقته.ا.
في حين أن الشريحة غير التلامسيّة يمكن قراءتها عن بعد باستخدام أجهزة فكّ التشفير وهو ما يجعل الاطلاع على معطيات بطاقة التعريف ممكنا في أي فضاء تركّز فيه هذه الأجهزة من قبل السلطات،, لكنّ الأخطر هو إمكانية ولوج جهات غير مخوّلة لمعطيات المواطنات والمواطنين دون علمهم لأغراض مختلفة يمكن أن تهدّد سلامة حياتهم الشخصيّة. حيث سيتمكّن أي شخص أو مجموعة من قراءة معطيات البطاقة بمجرّد حصولهم على جهاز فكّ التشفير. وهنا تظهر تخوفات من امتلاك مجموعات إجرامية أو إرهابية لهذه الأجهزة ممّا سيشكّل خطرا أمنيا.
بعد العديد من جلسات العمل حول مشروع القانون، وافقت وزارة الداخليّة على استعمال شريحة تلامسيه غير قابلة للقراءة عن بعد في آخر نقاشات المشروع داخل البرلمان. إلا أن رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قدّاس أكد خلال حوارنا معه أن وزارة الداخلية تراجعت عن هذه النقطة وسيتم اعتماد شريحة غير تلامسيه وبالتالي ستكون بطاقة التعريف البيومترية قابلة للقراءة عن بعد، وهو ما يحيلنا على المقاربة الأمنية التي أشرنا لها أعلاه من خلال وضع تقنيات تعتمدها أكثر الدول تخلفا واستبداد قصد تسهيل المراقبة الشاملة وبسط السيطرة على الأفراد واختراق حياتهم الشخصيّة ووضع معطياتهم الحسّاسة موضع الخطر.
موقع تونس بين دول العالم في علاقة بحماية المعطيات البيو متريّة
وضعت دراسة بريطانيّة نشرت في بداية سنة 2021 تونس مع مجموعة أخرى من الدول في المرتبة الخامسة عالميا في حماية البيانات البيومتريّة من جملة 100 دولة موضع الدرس. وقد أرجعت هذه الدراسة الموقع المتقدّم لتونس لأسباب عدّة أهمها قلّة متطلبات القياسات الحيوية عند دخول البلاد باعتبار أن أغلب الوافدين لا يحتاجون الحصول على فيزا وحتى الوافدين الذين تفرض عليهم لا يطلب منهم معطيات بيومتريّة، في المقام الثاني عدم وجود قواعد بيانات بيومترية وطنية، بالإضافة لعدم استخدام واسع النطاق لكمرات المراقبة المرفقة بتقنية التعرف على الوجه.
بالعودة للدراسة التي أقيمت لقياس مدى احترام الدول للمعطيات البيومتريّة، تم اعتماد 12 متغيّرا لتصنيف الدول وتحصّلت تونس وفق هذه المعايير2 على 17 نقطة من أصل 31. معدّل قد يشهد تراجعا كبيرا في حال تمرير قانون بطاقة التعريف البيومتريّة بشاكلته الحاليّة.
لكن الذهاب اليوم في خيارات أحاديّة من قبل وزارة الداخلية حول موضوع بطاقة التعريف البيومتريّة سيجعل من تونس تتراجع تراجعا مهما باعتبار أن الوزارة لم توضّح لغاية اليوم هل أنها ستنشئ قاعدة بيانات للمعطيات البيومتريّة أم لا؟ وهل أن هذه القاعدة يمكن أن تربط في يوم ما بكاميرات المراقبة؟ ومن سيكون له الحق للولوج لهذه البيانات؟ وإذا أضفنا لذلك عدم تحيين قانون 2004 لحماية المعطيات الشخصيّة وعدم التنصيص على نوعيّة الشريحة التي سيتم استخدامها في البطاقة سيتحوّل هذا الانتقال من تقدّم وتطوّر الى تراجع وانتهاك لخصوصية المواطنات والمواطنين ولمعطياتهم الشخصيّة.
ترتيب الدول الأسوأ تعاملا مع المعطيات البيو متريّة | الدول | حصيلة النقاط المتحصّل عليها |
1 | الصين | 2/31 |
2 | كوستا ريكا | 3/31 |
3 | إيران | 5/31 |
4 | الولايات المتّحدة، أوغندا، الإمارات العربيّة المتّحدة، بنغلاديش، الفلبّين، العربيّة السعوديّة | 6/31 |
5 | العراق وماليزيا | 7/31 |
ترتيب الدول الأحسن تعاملا مع المعطيات البيو متريّة | الدول | حصيلة النقاط المتحصّل عليها |
1 | تركمانستان | 25/31 |
2 | أثيوبيا | 22/31 |
3 | البحرين وأذربيجان | 20/31 |
4 | إيرلندا والبرتغال | 19/31 |
5 | تونس، غواتيمالا، لوكسمبورغ، الباراغواي، بولندا، رومانيا والمملكة المتّحدة | 17/31 |
جدول 24: الدول الأحسن تعاملا مع المعطيات البيو متريّة حسب دراسة بريطانيّة حول “البيانات البيومترية: 96 دولة مرتبة حسب كيفية جمعها وماذا يفعلون بها”
التوصيات
باعتبار أن قانون بطاقة التعريف البيومتريّة مرتبط عضويا بالحياة الخاصة للمواطنات والمواطنين وبمعطياتهم الشخصيّة كما أوضحنا في تحليلنا لمختلف الجوانب فيما سبق، فإن منظمّة البوصلة تذكّر الحكومة بالتزامها بحماية البيانات الشخصية من خلال التصديق بالإجماع على اتفاقية مجلس أوروبا لحماية الأفراد فيما يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات الشخصية (الاتفاقية 108). وتعتبر البوصلة أنه لا مجال لتمرير قانون بهذه الأهميّة في سياق استثنائي وفي غياب مبدأي التشاركيّة والشفافيّة. كما تذكّر الحكومة بأن هذا القانون أيضا يندرج تحت قانون 2004 لحماية المعطيات الشخصيّة الذي يعتبر الإطار الضامن لهذه الحقوق وبالتالي فإن المرور لإصدار قانون بطاقة التعريف البيومتريّة دون إصدار قانون قانون جديد يتماشى مع متطلبّات المشهد الرقمي الحالي والتكنولوجيات الحديثة أو على الأقل تنقيح قانون 2004 يعدّ تسرعّا غير مبرّر.
وعليه فإن منظّمة البوصلة توصي بسحب مشروع قانون بطاقة التعريف البيومترية في نسخته الحالية وعدم استغلال فترة الاستثناء لتمريره.
ملحق 1: الخاصيّات المعتمدة لتصنيف الدول حسب مدى حمايتهم للمعطيات الشخصيّة
الخاصيّة | العدد المسند |
هل تستخدم القياسات الحيوية في جوازات السفر؟ | نعم (0) / لا (1) |
هل تحتوي بطاقة الهوية الوطنية على بيانات بيومترية؟ | نعم (0) / لا (1) |
هل فشلت الدولة في سن قانون لحماية البيانات البيومترية؟ | نعم (0) / لا (1) |
هل تستخدم القياسات الحيوية في البنوك (بما في ذلك التجارب)؟ | نعم (0) / لا (1) |
هل تستخدم القياسات الحيوية في البنوك (بما في ذلك التجارب)؟ | نعم (0) / لا (1) |
تخزين المعطيات البيومتريّة | 4 = لا توجد قاعدة بيانات بيومترية 3 = قاعدة بيانات بيومترية صغيرة جدًا (أي قاعدة بيانات جنائية) 2 = قاعدة بيانات بيومترية متوسطة الحجم 1 = قاعدة بيانات بيومترية كبيرة أو متنامية (أو قاعدة بيانات واسعة النطاق ولكن بدون بصمات أصابع / مسح قزحية العين – فقط صور) 0 = معظم السكّان في قاعدة بيانات بيومترية (بما في ذلك بصمات الأصابع وقزحية العين) |
ولوج الأمن لقاعدة البيانات البيومتريّة | 3 = لا يوجد وصول (أو لا توجد قاعدة بيانات للوصول) 2 = يسمح بالوصول فقط في ظل شروط صارمة 1 = بعض الوصول ولكن بعض القيود (على سبيل المثال، تتوفر قاعدة بيانات جنائية فقط) 0 = وصول كامل للشرطة إلى قاعدة البيانات |
التعرف على الأشخاص باستخدام كاميرات المراقبة | 5 = لا شيء أو عدد قليل جدًا من الكاميرات قيد الاستخدام 4 = ربما هناك ذكر لاستخدام الكاميرات مع التعرف على الوجه 3 = اختبار الكاميرات للتعرف على الوجه 2 = البدء في وضع كاميرات للتعرف على الوجه في أماكن متعددة 1 = معظم الأماكن تستخدم الكاميرات للتعرف على الوجه وبعض الحالات القصوى (مثل استخدامها لمراقبة مجموعات معينة من الناس) 0 = على الصعيد الوطني مع عدد من الحالات القصوى |
استخدام المعطيات البيومتريّة في أماكن العمل | 5 = استخدام القياسات الحيوية محظور 4 = يمكن استخدام القياسات الحيوية ولكن فقط في الحالات القصوى (أي للوصول إلى المعلومات فائقة الحساسية) 3 = القياسات الحيوية محمية بضمانات متعددة وموافقة الموظف ليست كافية لأصحاب العمل لاستخدامها 2 = عدد أقل من الضمانات لحماية القياسات الحيوية (أو الضمانات غير الخاصة بمكان العمل) والموافقة كافية 1 = عدد قليل جدًا من الضمانات / حالات الاستخدام المفرط 0 = لا توجد ضمانات |
تأشيرة الدخول إلى الدولة | 4 = لا توجد تأشيرة مطلوبة 3 = عدد قليل من الدول تتطلب تأشيرة 2 = بعض الدول تتطلب تأشيرة 1 = معظم الدول تتطلب تأشيرة 0 = جميع البلدان تتطلب تأشيرة (أو مع استثناء واحد أو اثنين) |
القياسات الحيوية في فيزا | 2 = عدم وجود مقاييس حيوية في التأشيرات 1 = تتطلب بعض التأشيرات القياسات الحيوية 0 = تتطلب جميع التأشيرات القياسات الحيوية (أو باستثناء دولة واحدة أو دولتين) |
التثبّت من المعطيات البيومتريّة عند دخول البلاد | 3 = لا يتم أخذ القياسات الحيوية عند دخول الأشخاص إلى البلاد 2 = بعض الفحوصات البيومترية للأشخاص الذين يدخلون البلاد (هذا يستثني المواطنين أو للمواطنين فقط ويتضمن الفحوصات البيومترية القادمة، أي لمناطق شنغن) 1 = بعض الفحوصات البيومترية عند دخول البلاد (بما في ذلك المواطنين) 0 = يتم فحص كل فرد بيومتريا عند دخول البلد |