قراءة في القانون الأساسي عدد 4 لسنة 2025 المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم: نص هزيل لمجالس صوريّة

23 أفريل 2025

بعد أكثر من سنة من الانتخابات “المحلية”، انتظرت السلطة التنفيذية يوم 31 ديسمبر 2024 لإيداع مشروع قانون أساسي عدد 088/ 2024 يتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم لدى “مجلس نواب الشعب” من طرف رئاسة الجمهورية مع طلب استعجال النظر.  وقد أحاله مكتب المجلس إلى لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية التي عقدت ست جلسات استماع بين 31 جانفي و17 فيفري لتقرر الإبقاء على مشروع القانون في الصيغة التي أوردتها جهة المبادرة (مع تعديل شكلي في الفصلين الثاني والسادس). وتقرر عقد جلسة عامة يوم الخميس 27 فيفري 2025 للنظر في مشروع القانون. تمت خلال الجلسة المصادقة على مشروع القانون في صيغته الأصلية (109 نعم، 04 احتفاظ و02 رفض) باستثناء الفصل السادس الذي عرف تعديلا طفيفا -عبر إضافة فقرة تخص تسهيل حضور التلاميذ والطلبة أعضاء المجالس- باقتراح من جهة المبادرة فيما اكتفى نواب “البرلمان” ورئيسه بتثمين هذا القانون وفلسفته المتمثلة في البناء القاعدي.

ورد القانون في صيغة مقتضبة لم تحلّ أيّا من المسائل المتعلقة بالحوكمة المحلية وإشكالية الصلاحيات بعد نسف مسار اللامركزية، حيث أحال في فصله الأول تنظيم أعمال المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وطرق سيرها إلى أمر ما يفقده أي وجاهة مؤسساتية. كما لا يزال الغموض يخيم حول البلديات التي لازالت تسير من طرف الكتاب العامين، دون تحديد موعد لانتخاب مجالسها التي لم يلغها قيس سعيد في دستوره رغم تحجيم دورها.

بعد أن قدمت منظمة البوصلة قراءتها للإشكاليات الانتخابية والقانونية التي عرفها مسار تركيز هذه المجالس المحلية1، وتهافت دورها التنموي المزعوم2، تعود هذه الورقة على أبرز ما جاء في هذا النصّ المقتضب وتسلّط النظر على السياق الذي ورد فيه، حيث تمثّل هذه المجالس أحد أركان نظام قيس سعيد القاعدي الذي جعله سياسة دولة بعد أن استكمل مسار هدم كل السلطات المضادة والمؤسسات المنبثقة عن فترة الانتقال الديمقراطي.

اللامركزية: خيار سياسي طموح أجهضته انتكاسة الديمقراطية

لا تخلو اللامركزية من بعد سياسي، فإلى جانب الصبغة الإدارية الترابية، تمثل اللامركزية “تجسيدا للديمقراطية السياسية على المستوى المحلي”3 إذ تقوم أساسا على انتخاب المواطنين لممثليهم وتفويض الصلاحيات من طرف السلطة التنفيذية للجماعات المحلية التي تمارسها وفق مبدأ التدبير الحر. لم تحد الاختيارات السياسية لتونس ما بعد الثورة عن هذا المنحى، فبالإضافة إلى تكريس باب كامل للسلطة المحلية صلب دستور 2014 (بما يبيّن الأهمية التي أولتها السلطة التأسيسية لهذا الخيار ولرد الاعتبار للجهات المهمشة في منوال التنمية منذ الدولة الوطنية)، سنّ مجلس نواب الشعب سنة 2018 مجلة الجماعات المحلية4 وتم تنظيم الانتخابات البلدية في نفس السنة. ورغم الهنات التي شابت هذا المسار فإن سلطة 25 جويلية حالت دون مراكمته للتجربة ودون تقييم حقيقي وموضوعي له، فأرست على أنقاضه مشروع “البناء القاعدي” الذي يقدمه رئيس الجمهورية كبديل وحيد وحقيقي في سبيل تأسيس “ديمقراطيته الحقيقية” وإرساء مقومات حكم محلي فعلي.

إلا أنّ التحليل يبيّن عكس ذلك، فإذا ما تناولنا اللامركزية وأسسها، يتبين لنا أن النظام القاعدي هو الأطروحة المضادّة لها، فإن كانت اللامركزية تنظيما للصلاحيات داخل السلطة التنفيذية تقوم على تفويض صلاحيات للجماعات المحلية تمارسها حسب مبدأ التدبير الحر، فإنّ البناء القاعدي يقدم نفسه كسياسة دولة تقوم على مركزة مطلقة للسلطة بيد رئيس الدولة من جهة، وتقوية الروابط القبلية والتقليدية عبر الإيغال في البعد المحلي من جهة أخرى5. وهو ما يفسّر نسف رئيس الدولة لكامل مسار اللامركزية منذ 25 جويلية 2021 عوض محاولة إصلاحه أو تعديله.

رسم 1: أهم محطات تقويض السلطة المحلية منذ 25 جويلية 2021
المصدر: البوصلة

لئن “نجت” المجالس البلدية جزئيا من اجراءات 25 جويلية 2021 التي مثلت أول حلقة من حلقات تقويض مؤسسات الانتقال الديمقراطي، فإن السلطة المحلية تم تحجيمها إلى فصل وحيد صلب دستور الرئيس لسنة 2022 الذي يمثل المرجع القانوني لإرساء “نظام البناء القاعدي” الذي جاء به الرئيس وتم على أساسه تنظيم الانتخابات المحلية في شهر ديسمبر 2023 بعد حلّ المجالس البلدية المنتخبة قبيل انتهاء عهدتها عبر المرسوم عدد 9 لسنة 2023، كما استغل رئيس الدولة سلطة مراسيمه لوضع تركيبة المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم والمجلس الوطني للجهات والأقاليم (المرسوم عدد 10) ولتنقيح القانون الانتخابي (المرسوم عدد 8) رغم أن دستور قيس سعيد نفسه يستثني المادة الانتخابية من التشريع بالمراسيم. وقد تعرضت منظمة البوصلة لهذه الانتخابات في مقالاتها السابقة حيث أدانت إجراء انتخابات يجهل المترشحون لها صلاحيات المجالس التي سيشكلونها بالإضافة إلى غياب البعد السياسي والتنافسي لها حيث عرفت 26 دائرة انتخابية بيضاء (دون مترشحين) و218 دائرة بمترشح وحيد أدت إلى انتصاره آليا6.

يمثّل حل المجالس البلدية شهرين قبل انتهاء عهدتها تتويجا لمسار كامل وإرادة واضحة لغلق قوس هذه التجربة التي لم يخف قيس سعيد معاداته لها حيث يعتبرها تهديدا لوحدة الدولة كما يتمثلها. قبل حل المجالس البلدية، عرفت الساحة السياسية، مشادات بين الرئيس والموالين له من جهة والمدافعين عن مسار اللامركزية من جهة أخرى، فعقب اجراءات 25 جويلية 2021 أصدرت الجامعة الوطنية للبلديات التونسية بيانا أدانت فيه ما اعتبرته قرارات “غير دستورية وانقلابية” لرئيس الجمهورية، بينما أصدرت مجموعة من رؤساء البلديات بيانا مشتركا طالبت فيه رئيس الجامعة بالاعتذار وسحب البيان. في جوان 2022 أصدرت الجامعة بيان استنكار لقرار والي تونس (أي ممثل السلطة المركزية) بإبطال قرارات الهدم الصادرة عن بلدية تونس واخضاع كل قرارات الهدم الصادرة عنها إلى تأشيرة الوالي قبل تنفيذها وهو ما يتجاوز التفاصيل التقنية ليمثل صراعا سياسيا بالأساس.

“تونس دولة مركزية تقوم على الولاء”

تمّ حسم هذا الصراع بالسيطرة على جامعة البلديات بطريقة مفضوحة حيث فسّر الحبيب الخليفي رئيس هيئة الاستشراف خلال الجلسة العامة التي عقدت في ديسمبر 2023 بكل وضوح كيف ‘تم اختراق القانون الأساسي الذي قدّ على المقاس” وأكد وأن الشرط الوحيد للانتماء للجامعة هو “الكفاءة والولاء وأن الديمقراطية الليبيرالية هي آخر اهتماماتنا” كما أكد “أن الدولة التونسية دولة مركزية وأعضاء الجامعة هم أدواتها حسب التوجه الجديد لوزير الداخلية وبإملاءات من رئيس الجمهورية وأنهم سيكونون حازمين مع من يخالف التوجه المركزي للدولة”7.

لم يدع تركيع الجامعة الوطنية للبلديات التونسية وخطاب المكلف بالهيئة العامة للاستشراف ومرافقة مسار اللامركزية مجالا للشك أن لا استقلالية لمؤسسات “اللامركزية” في فلسفة صاحب مشروع البناء القاعدي، وأن دور مجالسه لن يكون سياسيا أو تنمويا بل تصعيديا لا غير. وهو ما تأكد من خلال القانون عدد 4 لسنة 2025 المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم.

من جهة أخرى، وبعد حل المجالس البلدية، تم تكليف الكتاب العامين بتسيير شؤون البلديات. ولم تستثنهم السلطة المركزية ورئيسها من سياسة الترهيب عبر “الإقالة كطريقة لإدارة الدولة8“. فوتيرة التعيينات والإعفاءات تتوالى بالتوازي مع نسق الزيارات “الفجئية” التي يقوم بها رئيس الجمهورية أو ممثلو السلطة المركزية للبلديات تحت غطاء محاربة الفساد وضمان نجاعة العمل البلدي. فعلى سبيل المثال، صدرت في شهر نوفمبر 2023 جملة من قرارات التعيين وإنهاء مهام كتاب عامين للبلديات بعد أن دعت نائبة في البرلمان “وزير الداخلية كمال الفقي إلى فتح تحقيق في الانتدابات والمناظرات في البلديات على كامل تراب الجمهورية، وفي ولاية بنزرت بشكل خاص9“. كما أصدرت وزارة الداخلية يوم 28 جوان 2024 بيانا نصت من خلاله على انهاء مهام المكلف بتسيير الشؤون العادية لبلدية تونس وإدارتها والمدير العام للطرقات والمناطق الخضراء والمنتزهات ببلدية تونس “على إثر زيارة السيد رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم الخميس 27 جوان 2024 إلى الإدارة الفرعية للمعدات والإدارة الفرعية للنظافة التابعتين لبلدية تونس العاصمة ومعاينته لعديد الإخلالات ومظاهر التقصير في مستوى الإدارتين والمعدات الموجودة بهما والتهاون في اداء الواجب من المسؤولين في البلدية10“.

ولئن كانت مكافحة الفساد والسعي لضمان نجاعة الخدمات البلدية شعارات جذابة، إلا أن إعفاء المسؤولين دون تحقيقات مستقلة تكفل حقهم في الدفاع، بالإضافة إلى توظيف إنهاء مهامهم سياسيا لتقديم صورة النظام المنقذ والنزيه من شأنه أن ينتج مسؤولين “مرتبكين، وغير قادرين على مواجهة رئيس الجمهورية بالحقائق الميدانية -بل ربّما يسعون إلى تزيينها- ومقيدين وغير مستعدين لوضع خطط واقتراح حلول من خارج الصندوق الرئاسي. وقد يتخذ مسؤولون كبار قرارات مهمة لا يؤمنون بوجاهتها ويدركون آثارها السلبية، فقَط تجنبا لغضب رئيس الجمهورية وعدم تصنيفهم في خانة “أعداء الشعب” والمتواطئين مع “الأطراف المعروفة” التي تريد تقويض “مسار 25 جويلية”11“.

يتماهى هذا الخطاب مع التوجه الترهيبي للرئيس قيس سعيد حيث لا تحيد خطاباته عن ضرورة “محاسبة المسؤولين” الذين عينهم بنفسه وهو ما يضفي طابعا مسرحيا على شعارات نجاعة العمل البلدي والتعيين حسب الكفاءة ومحاربة الفساد. فعقب زيارته لولاية ڨابس عقد رئيس الجمهورية اجتماعا مع وزير البيئة ووزير الداخلية أكد فيه أن على هذا الأخير “دعوة الكتاب العامين للبلديات للقيام بدورهم كاملا ومن لا يتحمل مسؤوليته لن يزيد ساعة بعد اخلاله بالواجبات المحمولة عليه12“، كما لم يتوان عن نقد أداء بعض الكتاب العامين لمهامهم وعدم تحملهم مسؤولياتهم مدينا التنكيل بالمواطنين لإسداء أبسط الخدمات لهم ذاكرا أنه تدخل ليدعو “أحدهم للقيام بعمله وكان من المفترض أن يقوم به لأن ذلك يدخل في إطار وظائفه13“. وإن كان الغرض من ذكر هذه الحادثة إظهار اهتمام رئيس الجمهورية بمشاغل المواطنين، فإنه يعبر سياسيا عن تصور لرئيس الجمهورية ـ القائد الذي لا يخلو أي مستوى من مستويات التنظيم الإداري من حضوره خاصة إذا ما ارتبطت هذه المؤسسات بمشروع بنائه القاعدي.

مشروع قانون المجالس المحلية: نصّ هزيل لمجالس صورية

مسار تشريعي ضعيف

بعد أن ظلّت المجالس المحلية والجهوية تعمل منذ انتخابها لأكثر من سنة دون قانون أو ميزانية أو صلاحيات أعلنت رئاسة الجمهورية في بلاغ لها يوم 23 سبتمبر 2024 أن رئيس الدولة “أسدى تعليماته بإعداد مشروع قانون في أقرب الأوقات يتعلق بمنح صفة الجماعة المحلية للمجالس المحلية والجهوية التي انبثقت عنها مجالس الأقاليم، هذا إلى جانب تخصيص منحة حضور مجزية لأعضاء هذه المجالس للقيام بوظائفهم في أحسن الظروف”. وقد طرح توقيت هذا الإعلان (أثناء الحملة الانتخابية) بعد أشهر من الغموض أكثر من تساؤل خاصة وأن ميزانية الدولة لسنة 2024 لم تخصص أي اعتمادات لهذا الغرض، كما أن مشاركة أعضاء هذه المجالس في جمع التزكيات والحملة الانتخابية للمرشح قيس سعيد يضيف تساؤلات أخرى حول الخلفية السياسية لهذا الإعلان14.

تتويجا لهذا الإعلان، وبعد أن تم العمل على مشروع قانون وعرضه على المجلس الوزاري الذي صادق عليه بتاريخ 10 أكتوبر 2024، تمّ بتاريخ 31 ديسمبر 2024 إيداع مشروع القانون الأساسي عدد 088/ 2024 المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم لدى “مجلس نواب الشعب” من طرف رئاسة الجمهورية مع طلب استعجال النظر وقد صدر القانون في الرائد الرسمي بعنوان قانون أساسي عدد 4 لسنة 2025 مؤرخ في 12مارس 2025 يتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم. ويبدو حسب الأصداء الشحيحة حول مسار إعداد مشروع القانون أنها نسخة مختلفة عن مشروع القانون الذي اشتغلت عليه الإدارة والذي تم تقديمه في المجلس الوزاري بتاريخ 10 أكتوبر 2024 بما يبيّن استمرار رئيس الجمهورية في استغلال الكفاءات التقنية لإضفاء للمشروعية على سياساته ليتخلى بعد ذلك عن مقترحاتهم ويكتفي بنصوص يعدها بنفسه.

بعد إجراء الانتخابات “المحلية” لاختيار أعضاء هذه المجالس دون قانون ينظّم صلاحياتها -ما مثّل شكلا من أشكال العبث القانوني والمؤسساتي خاصة وأن تركيبة المجالس الجهوية تغيّرت منذ انتخابها بموجب القرعة الدورية 3 مرات (جوان، سبتمبر، ديسمبر) دون أي نشاط يذكر-، كان من المنتظر أن يأتي هذا القانون لينظم العلاقات بين مختلف المجالس ويضبط صلاحياتها لتفادي تنازع الاختصاص بينها وليمكنها من الانطلاق في العمل في كنف الشرعية وإن في حدّها الأدنى. إلا أن هذا القانون ورد في صيغة مقتضبة لا تعالج أيا من القضايا الحقيقية المطروحة، بل عمّق من الاشكاليات السياسية والقانونية التي يطرحها مشروع البناء القاعدي.

على مستوى اللجنة البرلمانية

بعد إحالة مكتب المجلس بتاريخ 2 جانفي 2025 مشروع القانون إلى لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية، عقدت هاتان اللجنتان ست جلسات استماع بين 31 جانفي و17 فيفري لتقرر الإبقاء على مشروع القانون في الصيغة التي أوردتها جهة المبادرة مع تعديل شكلي طفيف في الفصلين الثاني والسادس (الجدول 1).

صيغة مشروع القانونصيغة اللجنة
 الفصل 2 – ترافق السلطات العمومية المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أداء مهامها وتوفر لها الوسائل الضرورية لذلك. الفصل 2 – ترافق السلطات العمومية المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أداء مهامها وتوفر لها الوسائل الضرورية لذلك، كما تسعى إلى توفير آليات ووسائل العمل المناسبة لأعضاء المجالس من ذوي الإعاقة.
الفصل 6 – على المؤجّرين أن يمكّنوا للأعوان العموميين والأجراء أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين….الفصل 6 – على المؤجّرين أن يرخّصوا للأعوان العموميين والأجراء أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين….

جدول 1: التعديلات المحدثة في اللجنة البرلمانية
المصدر: تقرير اللجنة البرلمانية-موقع المجلس

ويعكس تمرير القانون في الصيغة التي أوردتها جهة المبادرة وضعف المداولات انخراطا تاما في مشروع قيس سعيد للبناء القاعدي حيث ثمّن النواب حسب ما ورد في تقرير اللجنة البرلمانية “فلسفة البناء القاعدي [الذي] تميّز بأسبقية الوعي المواطني على إصدار النصوص القانونية، حيث أنّه يُعتبر بناء هرميا عكسيا يتمّ ضمنه إيلاء المكانة الأولى للمواطن كشربك فعلي ومواطن مراقب ومقرّر” كما يبرز التقرير “أنّ المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم تضطلع بدور أساسي في تجسيم الأحكام الدستورية ذات الصلة بالديمقراطية التشاركية والبناء القاعدي…”

في مقابل هذا الولاء ورغم الصلاحيات المنعدمة، تم إعادة التأكيد على المنحة التي أعلن عنها رئيس الدولة لأعضاء هذه المجالس في تجسيد واضح للزبائنية السياسية حيث أشار النواب أثناء اليوم الدراسي البرلماني حول مشروع القانون: ” إلى ضرورة ضبط الإطار القانوني للتفرّغ وللمفعول الرجعي لمستحقات الأعضاء المنتخبين عن المحليات ولمسألة الحصانة…15

– الجلسة العامة

ما عدى خطابات تثمين “فلسفة البناء القاعدي”، لم يكن للجلسة العامة تأثيرا يذكر على محتوى مشروع القانون باستثناء الفصل السادس الذي عرف تعديلا طفيفا عبر إضافة فقرة تخص تسهيل حضور التلاميذ والطلبة أعضاء المجالس.

صيغة مشروع القانون المعروض على الجلسة العامةالصيغة المعدلة
الفصل 6 – على المؤجّرين أن يرخصوا للأعوان العموميين والأجراء أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين. باستثناء حالات التأكّد، يتعيّن على عضو المجلس المعني إعلام مؤجّره بتاريخ الاجتماعات ثلاثة أيام على الأقل قبل انعقاد الجلسات أو تنظيم الدورات، وإيداع نظير من الدعوة إليها. في صورة التقيّد بأحكام الفقرة الثانية من هذا الفصل من قبل عضو المجلس المعني، لا يمكن أن يكون تغيّب الأعوان والأجراء لحضور جلسات أو دورات سببا في الطرد أو في فسخ عقد الشغل. كما لا يمكن أن ينجرّ عن الغيابات لحضور جلسات أو دورات أي إجراء تأديبي أو تعطيل ترقية مهنية أو الحرمان من الانتفاع بأيّ امتياز اجتماعي.
الفصل 6 – على المؤجّرين أن يرخصوا للأعوان العموميين والأجراء أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين. باستثناء حالات التأكّد، يتعيّن على عضو المجلس المعني إعلام مؤجّره بتاريخ الاجتماعات ثلاثة أيام على الأقل قبل انعقاد الجلسات أو تنظيم الدورات، وإيداع نظير من الدعوة إليها. في صورة التقيّد بأحكام الفقرة الثانية من هذا الفصل من قبل عضو المجلس المعني، لا يمكن أن يكون تغيّب الأعوان والأجراء لحضور جلسات أو دورات سببا في الطرد أو في فسخ عقد الشغل. كما لا يمكن أن ينجرّ عن الغيابات لحضور جلسات أو دورات أي إجراء تأديبي أو تعطيل ترقية مهنية أو الحرمان من الانتفاع بأيّ امتياز اجتماعي. على مديري مؤسسات التعليم والتكوين ومسيّريها أن يمكنوا التلاميذ والطلبة والمتكونين أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم من تسهيلات للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين.

جدول 2: التعديلات المحدثة في الجلسة العامة
المصدر: البوصلة – معطيات موقع المجلس

وقد لخّصت صفحة مجلس نواب الشعب “المداولات” التي جرت أثناء الجلسة العامة كما يلي: «ثمّن السادة النواب المبادرة التشريعية المقدّمة باعتبارها تُعدّ تأصيلا فكريا لنظام البناء القاعدي الذي ينبني على مشاركة الشعب عبر ممثليه بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وصولا إلى المؤسسة التشريعية في صياغة القرار وتحديد الأولويات التنموية والاقتصادية، مما يجعل من هذه المبادرة ترجمة لمرحلة تاريخية هامة تمر بها البلاد تتمثل في بناء سياسي ومجتمعي جديد يقطع مع الممارسات القديمة”.

إن ضعف المداولات والمقترحات رغم النقائص الكبيرة في مشروع القانون لا يؤكد فقط غياب أي استقلالية لهذا المجلس، بل يؤشّر على اعتماد مشروع البناء القاعدي الهلامي رسميا كسياسة دولة، بعد أن أنكر الرئيس ومساندوه باستمرار هذه النية أثناء تمرير دستوره16. كما يوكّد مرة أخرى أنه لا يمكن في ظل هذا الوضع السياسي والمؤسساتي انتظار أي تأثير لهذا “البرلمان” الذي انتقل من المصادقة الآلية على قوانين السلطة التنفيذية إلى المساهمة في نسف أسس دولة القانون أثناء الانتخابات الفارطة عبر التلاعب بالقانون الانتخابي أثناء الفترة الانتخابية17.

نصّ ضعيف لمشروع طوباوي

تشتت النظام القانوني

ورد مشروع القانون في صيغة مقتضبة تقتصر على 10 فصول وكان رد ممثلي جهة المبادرة أنه يمثّل “قانونا إطاريا”18 أي أنه في حاجة لنصوص تطبيقية تمنحه قيمة تقعيدية19. وإلى جانب معارضة هذا التوجه إلى نص دستور الرئيس نفسه الذي نص في فصله 75 أن تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة ب “المجالس المحلّية والمجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمكن أن تتمتّع بصفة الجماعة المحلّية”، بما يقصيها من مجال السلطة الترتيبية أي بما يتعارض مع حجة القانون الإطاري، فإنه يضعنا أمام ظاهرة التضخم التشريعي إضافةً إلى تشتت النظام القانوني للامركزية مشوهة على مذبح البناء القاعدي.

يضع علم التشريع منهجية لسن القوانين تعتمد أولا على تقييم وجود ضرورة لسن قانون جديد من عدمها. في هذا الصدد، يقوم علم التشريع المادي على التجانس الخارجي للقانون أي تجانسه وانسجامه مع محيطه القانوني بالإضافة إلى تحديد قبلي للأهداف المرجوة من القانون المُراد سنّه. لذلك يضعنا القانون عدد 4 لسنة 2025 أمام تحدً مزدوج ومتناقض، فلا هو يسيتجيب لما تقتضيه اللامركزية في إطار دولة القانون وفي استمرارية لمؤسسات الانتقال الديمقراطي التي نسفتها سلطة 25 جويلية ولا هو يستجيب لما تنتظره مجالس البناء القاعدي من تنظيم للعلاقات بينها ومن تكريس واضح لصلاحياتها.

لم يحلّ مشروع القانون إشكالية الصّلاحيات، بل نصّ في فصله الأوّل أن “تنظم أعمال المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وطُرق سيرها بمقتضى أمر” في إحالة أخرى للنصوص الترتيبية التي سيصدرها رئيس الجمهورية وفق تصوراته الأحادية لمشروع البناء القاعدي. فولاء نواب البرلمان لهذا المشروع ولسياسات الرئيس لم تمنعه من الإصرار على التشريع بنفسه وتهميش برلمانه. فبالرغم الانخراط الواضح والصريح للنواب في مشروعه للبناء القاعدي والذي كان جليا من خلال المداولات الخاصة بمشروع القانون على مستوى اللجنة أو خلال الجلسة العامة، يواصل قيس سعيد هوسه بالتشريع عبر الأوامر والمراسيم كما دأب على ذلك في الفترة الممتدة بين 25 جويلية 2021 إلى تنصيب برلمانه في مارس 2023 والذي حدد جدول أعمال جلسته الافتتاحية بأمر20. وحتى بعد تنصيب مجلسه، استغل الرئيس العطلة البرلمانية لإصدار النص المنظم للعلاقة بين مجلس النواب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم بمرسوم في مواصلة لنفس الممارسة.

ولعل المصادقة على مشروع القانون في صيغته الأصلية (109 نعم، 04 احتفاظ و02 رفض) باستثناء الفصل السادس الذي عرف تعديلا طفيفا ـ عبر إضافة فقرة تخص تسهيل حضور التلاميذ والطلبة أعضاء المجالس ـ خير دليل على غياب البُعد السياسي للبرلمان وكونه امتدادا مؤسساتيا لساكن قرطاج. كما أن نزعة التسويف في تنظيم الصلاحيات والإحالة إلى نصوص تطبيقية يطول انتظارها لتأتي مخيبةً للآمال تدل أولا على غياب الرؤية السياسية لصاحب المشروع وتخبطه في تنزيل مشروعه واقعيا نظرا لعدم ملاءمته للإرث المؤسساتي للدولة التونسية، وتندرج ثانيا في إطار السياسات التقليدية للقائد الشعبوي الذي يعتبر نفسه تجسيدا لشعبه فلا يحتاج بالتالي لأجسام وسيطة ومؤسسات كالبرلمان ـوإن كانت خاضعة له- تقوم بدور الوسيط وتعبر عن توجهات مختلفة للمجتمع وتعكس تنوّعه.

إن سياسة المواربة والتظليل التي مكنت قيس سعيد من تنزيل مشروعه تدريجيا، أتاحت له القطع مع مسار اللامركزية كما تصوّرته مؤسسات الانتقال الديمقراطي وباعتبارها نتاج نخبة فاسدة امتثلت لإملاءات الخارج كما يكرر دائما “الرئيس المنقذ”.

هكذا، عوّض النص المقتضب الذي صاغه قيس سعيد المتكون من عشرة فصول والذي يحيل مسائل جوهرية في مجمل فصوله إلى أوامر لاحقة، نصّا بحجم وقيمة مجلة الجماعات المحلية (400 فصل) والتي عرفت مسار إعداد طويل ومضن تمّ خلاله تشريك مختلف الفاعلين السياسيين والأكاديميين، في صورة معبرة عن العبث المؤسساتي والتشتت القانوني الذي تشهده الدولة في ظل سلطة 25 جويلية.

كما يبرهن هذا النص مجددا افتقاد واضعه لرؤية شاملة للحوكمة المحلية، وللجماعات المحلية، ودورها السياسي، والتنموي. على سبيل المثال تمّ إحداث تقسيم الأقاليم الذي يكتسي أهمية اقتصادية واجتماعية كبرى بمرسوم بصفة فردية ومسقطة دون تشريك أي فاعل أكاديمي أو مدني. ولم ينصّ المرسوم على أي دور حقيقي لهذه الأقاليم باستثناء دورها الانتخابي21، وهو ما تأكّد فيما بعد باعتماد التقسيم القديم للأقاليم في الملحق عدد 11 لقانون المالية 2024 المتعلق بالتنمية الجهوية والميزات التفاضلية للجهات الاقتصادية. أما في الملحق 11 لقانون المالية لسنة 2025 فقد تمّ حذف كامل الجزء المتعلق بالميزات التفاضلية للأقاليم عوض اعتماد التقسيم الجديد ما يؤكّد أن هذه “المؤسسات” لا دور لها في التخطيط للتنمية عكس ما تدعيه السلطة.

الاستقلالية الإدارية والمالية

لئن نص الفصل الأول من القانون الأساسي عدد 4 لسنة 2025 على تمتع المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بالشخصية القانونية والاستقلالية الإدارية والمالية إلا أنه لم يكرس ضمانات هذه الاستقلالية، بل أمعن في تكريس تبعيتها للسلطة المركزية. إذ أن التنصيص في الفصل السابع على أن يكون مقر المعتمدية مقرا للمجلس المحلي وأن يكون مقر الولاية مقرا للمجلس الجهوي ولمجلس الإقليم يضع هذه المجالس في وضعية تبعية للسلط اللامحورية (التي تمثل السلطة المركزية في مجالاتها) بما يتعارض مع جوهر اللامركزية والاستقلالية. كما أن هذا التنصيص يتغاضى عن الإشكاليات اللوجستية التي لا تخلو من بعد سياسي والتي تعرضت لها بعض المجالس المحلية عقب انتخابها. إذ أظهرت بعض المؤسسات الجهوية اللامحورية مقاومة للتعاون مع المجالس المحلية ومن ذلك رفض معتمد الزهور (ولاية الڨصرين) تمكين أعضاء المجلس المحلي من مفاتيح المكتب المخصص للمجلس وورفض الوالي مقابلتهم22. ليكون بذلك التنصيص الوارد بالفصل 7 ضربا من ضروب التعنت السياسي الذي يرفض الاعتراف بفشل هذا الاجراء.

بالإضافة إلى ما سبق وفي تواصل مع مسار نسف اللامركزية، يمثل هذا القانون تراجعا إضافيا ومعلنا عن استقلالية الجماعات المحلية خاصة استقلاليتها المالية حيث ألغى أحكام مجلة الجماعات المحلية (2018) المتعارضة معه وأعاد العمل بقانون 1975 فيما يتعلق بميزانية المجلس المحلي والمجلس الجهوي ومجلس الإقليم عوض إصدار نص جديد يتعلق بميزانية هذه المجالس خاصة وأن قانون 1975 لا يتعرّض للمجالس المحلية ومجالس الأقاليم. يعني هذا الخيار عمليا غياب أي استقلالية مالية ولإدارية والعودة لنظام مالي وإداري تهيمن عليه السلطة المركزية فوزير الداخلية هو الذي يصادق على ميزانيات المجالس الجهوية (الفصل 17 من القانون الأساسي عدد 35 لسنة 1975) و”سلطة الإشراف” هي التي تتولى مناقشة مشروع الميزانية وإقرارها في ظرف 15 يوما في صورة عدم تقديم صيغة معدلة من رئيس الجماعة المحلية (الفصل 18 من نفس القانون)23.

كما يمثّل هذا النص ردّة حتى على القانون عدد 11 لسنة 1989 المتعلق بالمجالس الجهوية على علّاته، إذ نصّ على إحالة جميع “الممتلكات والمكاسب والمساهمات والاعتمادات المرصودة للمجلس الجهوي على معنى القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1989 إلى الدولة ووضعها على ذمة الوالي”. يجسّد هذا الخيار، بإحالة ممتلكات المجالس الجهوية (1989) إلى الإدارة اللامحورية ممثلة في الوالي عوض المجالس الجهوية المنتخبة، -إذا أضفنا إليه عدم تنصيص القانون عدد 4-2025 على أملاك أو موارد ذاتية لهذه المجالس- رغبة معلنة من “المشرّع” في إعادة مركزة الدولة والتخلي عن اللامركزية ولو في حدها الأدنى.

ولم يخفَ التناقض بين هذه الأحكام ومبدأ الاستقلالية المالية حتى على بعض أعضاء “مجلس نواب الشعب” (سواء صلب اللجنة أو في الجلسة العامة) الذين أثاروا هذا الإشكال أمام جهة المبادرة التي تظهر إجاباتها تصوّرا هجينا للسلطة المحلية وللاستقلالية المالية. من جهة أولى، أشار ممثلو جهة المبادرة أنه سيتم “ترسيم ميزانياتها ضمن النفقات المخصصة للجماعات المحلية صُلب مهمة وزارة الداخلية24“، وهو ما لا تظهره الأرقام الواردة في تقارير وزارة المالية حول قوانين المالية للسنوات الثلاث الأخيرة. إذ تظهر الأرقام المتعلقة بصندوق دعم اللامركزية والتسوية والتعديل والتضامن بين الجماعات المحلية أن الاعتمادات المخصصة لدعم الجماعات المحلية قدرت ب863ـ م د سنة 252023 لتشهد ارتفاعا طفيفا سنة 2024 حيث بلغت 26869 م د لتتراجع إلى 27858 م د سنة 282025. بما لا يدع مجالا للشك في غياب أي نوايا حقيقية لدى سلطة رئيس الجمهورية لإرساء لامركزية حقيقية وإن كان مسارا قُدّ على مقاسها. من ناحية أخرى، أشار ممثلو جهة المبادرة أن هذه المجالس ستكون لها ميزانيات مستقلة غير أنها لن تتمتع بالموارد الذاتية وهو ما يمثل تراجعا عما جاءت به مجلة الجماعات المحلية من استقلالية للجماعات المحلية وتعزيزا لتبعيتها للسلطة المركزية.

ورغم بعض التساؤلات حول المساس بمبدأ الاستقلالية الادارية والمالية للجماعات المحلية، لم يتوان نواب الشعب عن المصادقة على الفصول المتعلقة بها دون أي مراجعة تُذكَر وهو ما يؤكد صورية المداولات وتماهيها مع مشروع الرئيس دون ممارسة الدور السياسي الذي تلعبه البرلمانات.

وفي مقابل نسف الاستقلالية المالية للمجالس، لم يخلُ هذا القانون من تكريس لمبدئ الولاء السياسي والمكافأة للمنخرطين في مشروع الرئيس السياسي. إذ تبدو بصمة رئيس الجمهورية واضحة على فصوله عبر التنصيص على تخصيص منحة لأعضاء هذه المجالس -التي أعلن عنها أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية- دون تحديد مقدارها أو كيفية تمويلها في ظلّ اعتماد السلطة لخيارات تقشفية مسّت مرافق حيوية تحت شعار “التعويل على الذات”، قبل أن يصدر يوم 4 أفريل 2025 الأمر عدد 178 يتعلّق بضبط مقدار منحة التمثيل المخوّلة لأعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وشروط إسنادها. وقد تم تحديد منحة تمثيل شهرية بقيمة 200 دينار عن كل جلسة بسقف شهري لا يتجاوز 800 دينار بينما يتمتع الأعضاء من ذوي الإعاقة بمنحة تمثيل شهرية قدرها 300 دينار عن كل جلسة وبسقف شهري لا يتجاوز ألف ومائتي 1200 دينار. وإن بدا هذا الاختلاف في مقدار المنح كتمييز إيجابي لصالح الأعضاء في وضعية إعاقة، فإنه يمس من مبدأ المساواة في الأجر. فالتمييز الإيجابي يكون بضمان بيئة عمل ملائمة (كتسهيل الوصول والولوج لمقر العمل) لا بإسداء منحة أكثر قيمة مقابل “اسداء نفس العمل”. ولعل المقارنة مع أعضاء المجالس المحلية المنتخبة (2018ـ2023) تؤكد نهج المكافأة الذي تتبعه السلطة حيث كان أعضاء هذه المجالس ـ باستثناء رئيس المجلس ـ متطوعين رغم الصلاحيات الهامة المناطة بعهدتهم بينما سيتمتع أعضاء مجالس البناء القاعدي بمنحة رغم دورهم شبه الاستشاري.

الصلاحيات التنموية المزعومة

ورد في الفصل الأول لمشروع القانون أن هذه المجالس “تعمل على تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي الشامل والعادل وتتداول في مشاريع ومخططات التنمية المحلية والجهوية والإقليمية في إطار وحدة الدولة” في صيغة مبهمة وعامة تقتصر على التنصيص على الدور التداولي دون تحديد الأثر القانوني لمخرجات هذه المداولات، كما ألغى الفصل العاشر المهام التنفيذية للجهة والاقليم ما يفتح مجالا للشك حول الدور الفعلي لهذه المجالس فالقانون لم ينص صراحة على كونه دورا استشاريا بما يفقده الدقة التي تقتضيها النصوص القانونية. يدعو هذا الخيار للاستغراب حيث لا مثيل له على المستوى الدولي وحتى تاريخيا على المستوى الوطني، إذ من غير المعقول أن يكون دور جماعات محلية منتخبة مبهما وشبه استشاري فإن الغاء الصلاحيات التنفيذية وإن كانت محدودة يزيد من حدة العبث القانوني ويفقد القاعدة القانونية وجاهتها المؤسساتية.

كما سبق وأشرنا في ورقاتنا السابقة، لم يتم تخصيص لا ميزانية ولا إدارة لهذه المجالس حيث اكتفى مشروع القانون في فصله الثاني بالتنصيص على أن السلطات العمومية “ترافق المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في أداء مهامها وتوفر لها الوسائل الضرورية لذلك” دون تحديد شكل هذه المرافقة وآلياتها (اعتمادات، تحويلات..) وهو ما يؤكّد على افتقاد هذا النص ـ كسابقيه – للدقة.

كما لم يحلّ مشروع القانون إشكالية الصّلاحيات، فإن نص على أن هذه “المجالس تتداول في مخططات التنمية المحلية والإقليمية والجهوية” (الفصل الأول) فإنّ المساهمة في مخطط التنمية كممثل للجماعات المحلية لا يمكن أن يمثّل دورا جديدا يبرّر تنصيب مجالس منتخبة بهذا العدد، فتمثيل المحليّات في إعداد مخططات التنمية على المستوى الجهوي متاح عبر المنهجية المعتمدة حاليا من وزارة الاقتصاد والتخطيط والتي تشرّك كذلك الأطراف الاجتماعية والمجتمع المدني.29

كما أن “القول بأن المجالس المحلية لها صلاحيات تنموية فيه افتراض أن البلديات لا دور تنموي لها (تدور تصريحات هيئة الانتخابات حول اضطلاعها بمهام وصفتها بالتقليدية من نظافة وتنوير…)”30 في حين أن هذا القول مجانب للصواب حيث ينص عدد من فصول مجلة الجماعات المحلية على هذا الدور التنموي مثل الفصل 238 والفصل 105 الذي يضيف إلى ذلك واجب اتباع منهج تشاركي لا ينص عليه قانون الرئيس.

ويتأكد غياب تصور حقيقي لدور هذه المجالس من خلال الأعمال التحضيرية للقانون عدد 4 لسنة 2025 حيث جاء في التقرير المتعلق بمناقشته أن الهدف الأساسي من “عمل المجالس المذكورة يتمثل في تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي وذلك بدمج مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وتمكينها من إعداد التصورات والمقترحات والتداول بشأنها على أن ينطلق ذلك من المجلس المحلي ويمر إلى المجلس الجهوي ثم إلى مجلس الإقليم ويتم التأليف بين مختلف التصورات والمقترحات لينتهي المسار بعرضها على المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقرر ما يراه بشأنها من خلال المصادقة على المخطط التنموي”، فالعبارات الموظفة خالية من أي بعد عملي ودقيق كما أن “الدور التأليفي” فاقد للمعنى قانونيا وسياسيا ولا وجود لمثيل له في التجارب المقارنة يسمح بفهمه وتحديده بدقة.

وفي إطار سن النصوص التطبيقية لهذا القانون، تم اصدار الأمر عدد 177 لسنة 2025 مؤرخ في 4 أفريل 2025 يتعلق بتنظيم أعمال المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وطرق سيرها، الذي نص مرة أخرى على الدور التداولي والتأليفي للمجالس (الفصل 5) دون إضافة تذكر. وأكد في فصله السابع غياب أي قرار يتبع هذا “التداول”: “تحيل مجالس الأقاليم تثاريرها التأليفية إلى الوزارة المكلفة بالتخطيط لاعتمادها في بلورة مشروع مخطط التنمية” في تناقض مع ما جاء في شرح أسباب مشروع القانون الذي أوكل “سلطة القرار للمجلس الوطني للجهات والأقاليم”، وفي الحالتين، لا تملك هذه المؤسسات أي صبغة تقريرية ما يفقدها صفة الجماعات المحلية، حيث ورد في شرح الأسباب المرافق لمشروع القانون بكل وضوح أن دور هذه المجالس “يقتصر على التداول”.

بذلك حافظ القانون الأساسي عدد 4 لسنة 2025 والأمر عدد 177 لسنة 2025 على التباس الصلاحيات وضبابية الآليات القانونية لتحقيق التنمية دون أدوار واضحة ومتكاملة بين المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فيما بينها من جهة والسلطة المركزية من جهة أخرى.

خاتمة: العودة لما قبل 2011 أو لامركزية الخدمات دون سياسة

في مقابل الإفراط الخطابي حول المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، صارت المجالس البلدية مغيّبة من المشهد السياسي والمؤسساتي التونسي. فالحديث عنها صار هامشيا عاكسا للتخبط السياسي فيما يخص الشأن المحلي. يتمظهر هذا التهميش من خلال غياب تصور حقيقي لدور البلديات في إطار مشروع “البناء القاعدي” يمنحها دورا سياسيا وتنمويا على المستوى المحلي مثلما هو الحال في دستور 2014 ومجلة الجماعات المحلية التي جاءت تنزيلا لأحكامه.

فرئيس الجمهورية لم يلغ المجالس البلدية كليا من المشهد المؤسساتي التونسي، وهو ما يفترضه الفصل الأول من المرسوم 9 لسنة 2023 الذي نص أن “يتمّ حلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة ” والمرسوم 8 الذي غير طريقة انتخاب وتركيبة المجالس البلدية، وهو ما يسمح بافتراض وجود انتخابات بلدية سيتم تنظيمها دون تحديد موعد محدد لها. كما أشرنا، يضعنا هذا البناء المؤسساتي الهجين أمام مشهد يحتوي على فاعلين في نفس المجال: فاعل له وجود تاريخي وملموس (مقرات وميزانية وقدرة تنفيذية) وهو البلديات وفاعل مستحدث له وجود قانوني وانتخابي دون أي عنصر مما سبق (المجالس المحلية). أمام عدم فاعلية المجالس المحلية وتجسيدا لعداء الرئيس المعلن للبلديات، صارت تُحمّل هذه الأخيرة مسؤولية تدهور الخدمات على المستوى المحلي بعد كل زيارة “فجئية”.

يجسّد هذا الخطاب الرئاسي، تصوّرا ماضويا لهذه المجالس يحيي “رؤية تستنقص من دور البلدية باعتبارها جهازا غير سياسي أنشأته السلطة المركزية لإعانتها على التكفل ببعض الخدمات الأساسية لفائدة متساكني البلدية بعيدا عن فكرة الاستقلالية عن السلطة المركزية أو فكرة السلطة المحلية31“. ويتمظهر هذا التصور الاستنقاصي للمجالس البلدية من خلال خطابات رئيس الجمهورية حيث أن لقاءه بتاريخ 10 مارس 2025 مع وزير الداخلية ووزير البيئة مثلا يبيّن الارتباط الذي يقيمه بين مشكل التلوث ورفع القمامة من جهة والبلديات من جهة أخرى وهو ما يذكّرنا بالدور الذي كانت تلعبه البلديات قبل الثورة التونسية. وجاء هذا اللقاء إثر زيارة رئيس الجمهورية إلى مدينة ڨابس التي تشكو من مشاكل بيئية عميقة منذ عقود وذكر فيه رئيس الجمهورية أنه “تم اثر الزيارة رفع أكثر من 1000 طن (من القمامة) في يوم واحد، معنى ذلك أنه يمكن للوضع البيئي أن يكون في أفضل الحالات… عليكم السيد وزير الداخلية بدعوة الكتاب العامين للبلديات للقيام بدورهم كاملا…”. وعلاوة على تعبير هذا الموقف عن فهم سطحي للمشاكل البيئية التي تعاني منها ولاية ڨابس وغيرها فإنه يؤكد اعتبار البلديات المسؤول الوحيد عن “رفع القمامة” أي عن الخدمات الخالية من البعد السياسي وهو ما يمكن اعتباره من بين الأسباب التي نزعت عن الاستحقاق الانتخابي البلدي أهميته.

يتمظهر فقدان الانتخابات البلدية لأهميتها بالنسبة للفاعلين المنخرطين في المسار الأحادي لرئيس الجمهورية من خلال تقديم ‬عدد ‬من ‬رؤساء ‬المجالس ‬المحلية ‬يوم 16 جانفي 2025 ‬لدى ‬مجلس ‬نواب الشعب ‬والمجلس ‬الوطني ‬للجهات ‬والأقاليم” ‬طلبا ‬يتعلّق ‬بتأجيل ‬الانتخابات ‬البلدية من خلال مبادرة تدعو إلى تكوين نيابات خصوصية تضم منتخبين عن المجالس المحلية الحالية إلى جانب إطارات جهوية من ذوي الكفاءة والخبرة في إدارة الشأن المحلي”. وبرر أصحاب هذه المبادرة موقفهم باكتسابهم “خبرة عملية تؤهلهم لتسيير البلديات بكفاءة خاصة”32 ، إن هذا الاقتراح على غرابته يمثل دليلا إضافيا على انخراط ‬أعضاء ‬المجالس” ‬المحلية” في مشروع يجهلون ملامحه حيث قدموا ترشحاتهم وتم انتخابهم دون قانون منظم لصلاحياتهم بما يكشف التخبط المؤسساتي الذي تشهده الدولة على المستوى المحلي بعد تنزيل مشروع “البناء القاعدي” والانخراط الولائي صلبه.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

من جهة أخرى لم يعلن رئيس الجمهورية عن أي نوايا لتنظيم انتخابات بلدية سنة 2025 ما أدى بهيئة الانتخابات مرة أخرى لمحاولة سد هذا الفراغ التواصلي والسياسي والقانوني حيث صرح فاروق بوعسكر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ” أن الهيئة تنظم وتشرف على كل الانتخابات، ولكنها لا تقرر موعدها ولا يمكنها الانطلاق في تنظيم أي استحقاق دون صدور أمر دعوة الناخبين، موضحا في هذا الصدد أن المواعيد الانتخابية الدورية يحددها الدستور ولكن الانتخابات التي تجرى لأول مرة يجب أن يكون هناك قرار سياسي بخصوص تنظيمها، باعتبار أن الانتخابات البلدية ستنتظم لأول مرة وفقا لدستور 2022″33. دون أن ننسى أن تنظيم الانتخابات لا تمثل فقط عملية معقدة تتطلب جاهزية مؤسساتية ولوجستية، بل هي موعد سياسي لا بد أن يكون تاريخه معلوم لكل الفاعلين ضمانا لتكافئ الفرص، لا أن ترتهن كما كان الحال عند الانتخابات الرئاسية لمدى النفع السياسي الذي يمكن أن يتحقق لساكن قرطاج ومشروعه.

ولا يمكن لهذه العوامل سوى تعميق الضبابية والفوضى المؤسساتية التي خلقها مشروع رئيس الدولة باسم “الديمقراطية حقيقية” وتمكين المواطن في المحليات من تبليغ صوته على المستوى الوطني عبر تقنية التصعيد التي تتعارض جوهريا مع مبادئ الديمقراطية. فمن خلال آلية التصعيد يختصر البناء القاعدي إمكانية التمثيل الوطني بالمرور حتما بالمستوى المحلّي أين يتمّ الانتخاب المباشر الوحيد. بإقصائه عمليا للأحزاب، يمنع البناء القاعدي تكوّن برامج ورؤى وطنية متنافسة ما يزيد من إضعاف النقاش السياسي وحصره في مسائل معيشية محلية ضيقة وهو ما يختلف جذريا عن المجتمعات الديمقراطية أين يمثّل المستوى المحلي فضاء تتدرب فيه القيادات السياسية قبل أن تتجاوزه لمستويات تمثيلية أكبر34.

ختاما، لا يشذ القانون الأساسي عدد 4 لسنة 2025 المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم عن نهج الرئيس قيس سعيّد القائم على تفكيك لمؤسسات الدولة وخاصة مؤسسات الانتقال الديمقراطي دون تقديم بديل قانوني ومؤسساتي جدّي. تأخذ شعبوية رئيس الجمهورية شكلا قانونيا يقوم على طمس الإرث التاريخي والمؤسساتي بهدف “التأسيس الجديد” من خلال سن قوانين خالية من العقلانية ومن المراكمة على السياسات العمومية السابقة. فيما يتعلق بحوكمة الشأن المحلي بالخصوص، لاحظنا تكرر الاكتفاء بوضع نصوص لا تعالج جميع المسائل التي يفترض أن تدخل في نطاق القانون ما يؤدي إلى مظاهر ارتجال وتخبط، كالتكهن والتخمينات حول موعد انتخابات أو المطالبة بوضع رؤساء المجالس المحلية على رأس البلديات.

إن منهجية رئيس الجمهورية تتسم بالعبث من جهة وبالارتجال من جهة أخرى. عبث نسف كل أسس دولة القانون منذ انقلاب 25 جويلية وإخماد أصوات السلط المضادة المؤسساتية والمعارضة السياسية مع خطاب تحريض وتخوين متصل. وارتجال تنزيل مشروع طوباوي منبتّ مؤسساتيا عن الدولة التونسية وعن واقع المجتمع وحيويته، ويعيد إحياء انتماءات أهلانية حاولت تونس منذ الدولة الوطنية تفاديها لصالح روابط مدنية بين المواطنين والدولة. هكذا لا يمكن الحديث عن مجالس البناء القاعدي في إطار خطي لتطور الجماعات المحلية بتونس منذ 1959، فهذا التمشي يقفز على الواقع والتاريخ ويحصر هذه المسألة السياسية والتنموية المهمة في بعد قانوني ضيّق واختزالي.

للإطلاع على ورقات البوصلة التحليلية:

المراجع:

  1. منظمة البوصلة (مارس 2023): قراءة أولية في مراسيم 8 مارس 2023: قتل المواطنة باسم البناء القاعدي ↩︎
  2. منظمة البوصلة (سبتمبر 2024): المجالس “المحلية” وسراب التنمية ↩︎
  3. البكوش (ن.)، اللامركزية من أجل الديمقراطية: قانون الجماعات المحلية، تونس، 2022، صفحة 29. ↩︎
  4. قانون أساسي عدد 29 لسنة 2018 مؤرخ في 9 ماي 2018 يتعلق بمجلة الجماعات المحلية ↩︎
  5. منظمة البوصلة (جانفي 2024): تقرير حصيلة تجربة اللامركزية في تونس: مساهمة في تقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي، ص129 ↩︎
  6. منظمة البوصلة (2024): الانتخابات “المحلية” أو مشروع الرئيس الأصلي: مسار لا سياسي وغموض قانوني أدى إلى مقاطعة واسعة ↩︎
  7. الجلسة العامة العادية الحادية عشر للجامعة الوطنية للبلديات التونسية، فيديو بصفحة الجامعة على الفايسبوك ↩︎
  8. عبد المولى (ر.)، الإقالات والإعفاءات في تونس: كرَاسٍ في مهَب الرّيح، المفكرة القانونية، 2024. ↩︎
  9. موقع الترا صوت (23 نوفمبر 2023): وزارة الداخلية تنهي مهام كتاب عامين لبعض البلديات التونسية ↩︎
  10. صفحة وزارة الداخلية على الفايسبوك – بلاغ يوم 28 جوان 2024 ↩︎
  11. عبد المولى (ر.)، المفكرة القانونية، 4202، تم ذكره. ↩︎
  12. لقاء رئيس الجمهورية مع وزير الداخلية ووزير البيئة بتاريخ 10 مارس 2025. ↩︎
  13. اجتماع المجلس القومي، 20 مارس 2025. ↩︎
  14. على سبيل المثال: أعضاء المجالس المحلية بالسواسي، باجة الشمالية، المجلس الجهوي بسيدي بوزيد حسب منشوراتهم على الفايسبوك ↩︎
  15. تقرير اللجنة البرلمانية، الصفحة 23 (موقع المجلس) ↩︎
  16. المفكرة القانونية-مهدي العش (5 جويلية 2022): مشروع دستور سعيّد: الرئاسويّة دُفعة واحدة، البناء القاعدي بالتقسيط ↩︎
  17. المفكرة القانونية-منال الدربالي (28 سبتمبر 2024): تنقيح القانون الانتخابي: عن “اغتيال الديمقراطية” في الزمن الانتخابي ↩︎
  18. تقرير اللجنة البرلمانية: موقع المجلس ↩︎
  19. Valeur normative ↩︎
  20. منظمة البوصلة (3 جويلية 2023): ثلاثة أشهر منذ تنصيب مجلس نواب قيس سعيد: غياب للشفافية وحصيلة تشريعية هزيلة ↩︎
  21. منظمة البوصلة (13 أكتوبر 2023): تقسيم الأقاليم: اختزال انتخابي ضيق لتحديات تنموية عميقة ↩︎
  22. بيان المجلس المحلي بالزهور ـ القصرين بتاريخ 04/06/2024 ↩︎
  23. قراءة في القانون الأساسي عدد 4 لسنة 2025 المؤرّخ في 12 مارس 2025 والمتعلّق بالمجالس المحليّة والمجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم، المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، 18 أفريل 2025 ↩︎
  24. التقرير المشترك للجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية. ↩︎
  25. تقرير حول ميزانية الدولة لسنة 2023، وزارة المالية، ملحق عدد1، صفحة 59. ↩︎
  26. تقرير حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024، وزارة المالية، صفحة 75. ↩︎
  27. تقرير لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب ولجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع ميزانية الدولــة ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025، صفحة 6. ↩︎
  28. نفقات التدخل دون الدعم المتعلقة بصندوق دعم اللامركزية والتسوية والتعديل والتضامن بين الجماعات المحلية. المصدر السابق ↩︎
  29. Taghouti, I., Elloumi, M., Hinojosa, L. & Napoléone, C. (2020). Planification nationale en Tunisie : Une analyse diachronique. Maghreb – Machrek, 246-247, 25-42 ↩︎
  30. منظمة البوصلة (2024): المجالس المحلية وسراب التنمية ↩︎
  31. البكوش (ن.)، اللامركزية من أجل الديمقراطية: قانون الجماعات المحلية، تونس، 2022، صفحة 224. ↩︎
  32. الصباح نيوز (18 جانفي 2025): قدموا مبادرة لتولي مهمة النيابات الخصوصية.. رؤساء مجالس محلية يقترحون تأجيل الانتخابات البلدية ↩︎
  33. موقع التلفزة الوطنية (21 نوفمبر 2024) ↩︎
  34. منظمة البوصلة (2023): تقرير حصيلة تجربة اللامركزية، تم ذكره ↩︎